في مختلف البلاد العربية والإسلامية، فكيف جاز أن أُطوق بهذا الغُل، وأنا أعرف أن أقبح الأغلال هو غُل الجهل؟
وهل تفردتُ بالجهل حتى أسوق إلى نفسي هذا الملام العنيف؟
لقد شاركني في هذا الجهل جماعة من الفنانين الفضلاء، ألم تشهدوا بأعينكم أفلاماً مصرية أُخذت مناظرها من البلاد السورية واللبنانية والعراقية ولم يؤخذ منها منظر واحد من مناظر مصر الجنوبية؟
إن أردتَ التعرف إلى مناظر السودان عن طريق السينما - أو اَلخَيالة كما يسميها بعض أساتذة اللغة العربية -
فاطلب مشاهدة بعض الأفلام الإنجليزية أو الأمريكية، ولا تنتظر الأفلام المصرية، لأن الفنانين في مصر لم يعرفوا أن في الدنيا بلاداً غنية بالمناظر الطبيعية مثل السودان وهو الجزء الجنوبي من الوطن الغالي
ومع هذا يقال: إن المصريين يقدمّون دروس الوطنية إلى شعوب الشرق!
قد يجيب بعض الفنانين بأن مناظر السودان ممزوجة بسكان السودان وفيهم أقوام لهم أشكال وأزياء ينكرها الذوق الحديث (؟!)
وأقول إن الجمال الحق هو جمال النفوس والقلوب، لا جمال الأشكال والأزياء، فالبدويّ الممزَّق الثياب قد يكون أكرم نفساً وأطهر سريرة من الحضري الأنيق
ولسنا أطفالاً حتى ننخدع بالظواهر الكواذب، وإنما نحن طلاب حقائق، وطالب الحقيقة يعلم كل العلم أنها غانية عن التزيين والتلوين، فمن ظن أنه يؤذينا أو يؤذي تلك البلاد بنقل ما فيها من صور تمثل بعض من يعيشون هنالك على الأساليب الطبيعية فهو جاهل بالقيم الصحيحة لحيوات الشعوب، وهي حيوات تتأثر بظروف المكان إلى أبعد الحدود
وبأي حق نطالب أهل السودان بأن يُستعبدوا كما استعبدنا للأزياء الأوربية؟ وبأي حق يجوز لبعض الموظفين في السودان أن يدخلوا مكاتبهم في ملابس لا ترى الصيف والشتاء إلا بعيون الأوربيين؟
وهل ظفر الأوربيون بالسلامة من سواد قلوبهم حتى نحاكيهم في جميع الشؤون؟
أوربا هلكتْ بسبب التصنع، فلنرحم أنفسنا من مهالك التصنع، ولتذكر أن نجاحنا في