أمضيناه عليهم؟ فأمضاه عليهم) وهذا ما فعلناه نحن في مصر،
وإذا كنا في إقليم وفي مجتمع يلزمنا عمرة خاصة للرأس. وكان غيرنا من المسلمين في إقليم أو مجتمع يلزمهم عمرة للرأس خاصة غير عمرتنا، أو يجعلهم يسيرون حاسرين، تجد من روح الإسلام ما يجعلنا نلبس ما نشاء. ويجدون هم من روح الإسلام ما يجعلهم يلبسون ما شاءوا أو يحسرون كما يشاءون:(كل ما شئت واشرب ما شئت ما اخطأتك اثنتان: سرف أو مخيلة)
الإمام الشاطئ من اعلم الرجال في أصول الدين. ومن أبرعهم وأوسعهم ذهنا في تطبيق النصوص الدينية والموازنة بينها وبين الأحوال. وله كلام يجب على كل رجل من رجال الدين ان يتدبره ويعتبره، لما يدل عليه من فهم جيد لروح الإسلام ومسايرته لكل عصر وكل حضارة. وطواعية أحكامه ونصوصه لان توافق كل حضارة وكل جيل.
يقول الشاطئ:(. . . والسكوت عنه من الشارع لا يقتضي مخالفة. ولا يفهم الشارع قصداً دون ضده وخلافه فإذا كان كذلك رجعنا إلى النظر في وجوه المصالح. فما وجدنا فيه مصلحة قبلناه أعمالا للمصالحالمرسلة. وما وجدنا فيه مفسدة تركناه أعمالا للمصالح أيضاً. وما لم نجد فيه هذا ولا هذا فهو كسائر المباحثات أعمالا للمصالح المرسلة أيضاً).
ويقول (إن الشارع توسع في بيان العلل والحكم في تشريع باب العادات. واكثر ما علل فيها بالمناسب الذي ان عرض على العقول تلقته بالقبول، ففهمنا من ذلك ان الشارع قصد فيها اتباع المعاني لا الوقوف مع النصوص).
وللشاطئ أشياء في غاية الجمال والإبداع من هذا الفهم الواسع المحيط. وهذه النظرة الشاملة النافذة إلى جوهر الدين وحقيقته الواعية لروحه الكلي الشامل، على رأس هذا الفصل فقرة هي الدستور الذي يجب ان يستوحيه كل مفكر ديني.
يقول الشاطئ أيضاً: (قد تكون العوائد ثابتة وقد تتبدل ومع ذلك فهي أسباب لأحكام تترتب عليها. . . والمتبدلة منها ما يكون متبدلا في العادة من حسن إلى قبح وبالعكس. مثل كشف الرأس فانه يختلف بحسب البقاع في الواقع. فهو لذوي المروءات قبيح في البلاد الشرقية. وغير قبيح في البلاد المغربية. فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك، فيكون عند أهل المشرق قادحاً في العدالة، وعند أهل المغرب غير قادح، واعلم بان ما جرى ذكره هنا من