بالنساء بزجهن في كل الأعمال التي تقتضيها الحياة العمرانية
الأسرة وقيودها
يتبين مما تقدم ذكره أن للمرأة كمالاً نوعياً خاصاً، ومضمار هذا الكمال الأمومة وتربية الأولاد وتنظيم البيت وإسعاد من فيه. وعلى حد ما يقول قاسم أمين في كتاب المرأة الجديدة:
(نحن لا نجادل في أن الفطرة أعدت المرأة للاشتغال بالأعمال المنزلية وتربية أولادها، وأنها معرضة لعوارض طبيعية كالحمل والولادة والرضاعة لا تسمح لها بمباشرة الأعمال التي يقوى عليها الرجال؛ بل نصرح هنا أن أحسن خدمة تؤديها المرأة إلى الهيئة الاجتماعية هي أن تتزوج وتلد وتربي أولادها. هذه قضية بديهية لا تحتاج في تقريرها إلى بحث طويل)
ومن المعلوم أن تأسيس الأسرة وتكوين العائلات إنما دعم على انتقاد من حريات الأفراد وحد من استقلالهم حيال ما يعود من الفوائد الناتجة عن التكامل العائلي حين يشمل أفرادها الحدب والحنان والعودة والتراحم وما يترتب على ذلك من تبادل المنافع.
لقد كانت المرأة في حالة الهمجية الأولى واسعة الحرية، وكذلك كان الرجل. لكن تقدم النوع الإنساني وأطوار العمران قضت شيئاً فشيئاً على هذه الحرية الهمجية إلى أن وصل المجتمع إلى تكوين الأسرة المهذبة المتراحمة على أنقاض هذه الحريات.
ولقد حددت الشرائع وما تعارف عليه الناس لكل من أفراد الأسرة مختلف النظم والحدود، وعلى ذلك يجب أن يمارس كل من الزوج والزوجة والبنين حقه وواجبه في حدود الله والعرف الصالح.
ويسوءنا أن نلاحظ على مجتمعنا في العهد الأخير أن الناس نساء ورجالاً قد تعدوا حدود المعقول والمشروع في السلوك. وبخاصة فيما يتعلق ببنية الأسرة وجوهر آدابها.
ففي حين قضت حكمة الإسلام أن يكون للزوج درجة على زوجته في تسيير دفة الحياة العائلية اصبح الحال بعكس ذلك في الأسر التي طغى عليها التقاليد المنحرف الدخيل، وفي حين كانت تدعو التقاليد الإسلامية بأن تحتجز زينة النساء وتبرجهن للبيت والأزواج؛ اصبح الكثير من النساء لا يستسغن التزين والتبرج إلا للمجتمعات مع ضعف في الذوق