ومن صحافتنا الحزبية استعيذ بالله، فهي معول يهدم ما بيننا من أواصر وصلات
ولكن لابد من النص على أن مصر تتمتع بمزية عظيمة هي (التماسك) فما يهدم الرجل العظيم في مصر ولو صوبت إليه ألوف الأكاذيب والأراجيف، أما الرجل العظيم في العراق فتهدم قوته المعنوية حين تشتغل الصحافة بتجريحه أسبوعا أو أسبوعين، وتلك حال طيبة من جانب وخبيثة من جوانب، فهي طيبة لأنها تجعل الحاكمين في حذر من تغير المحكومين، وهي خبيثة لأنها تجعل سوء الظن أساسا لأكثر الأعمال.
والصدق في حب العراق هو الذي يسوقني إلى النص على هذا الملحظ الدقيق، ولكن هل قلت كل ما يوجبه الصدق؟
يجب النص على أن الصحافة العراقية مشلولة بسبب انعدام التعاون بين السلطة التنفيذية والسلطة الأدبية، فمن واجب الحكومة أن تعين الصحافة على نشر ما لا خطر في نشره من أخبار السياسة الداخلية والخارجية، ومن واجب الصحافة أن تراعي جميع الظروف، فلا تعمل على تهوين أقدار الحاكمين في انفس المحكومين في بلد يتأثر بالقيل والقال.
وانعدام التعاون بين هاتين السلطتين في العراق له نتائج تلمحها من حين إلى حين!!
أليس من العجب أن نقرأ في جميع الصحف العراقية أن الحال على ما يرام وفوق ما يرام، ثم يكون الواقع أن العراق يعاني أزمة وزارية أو دستورية؟
وأقارن بين الحالة في مصر والعراق فأقول:
الحرية الصحفية في مصر تصرف المصريين عن خلق الإشاعات والأراجيف، لأن الصحافة المصرية تقوم بهذه المهمة (خير قيام) فهي تزود أهل الفضول بما يكفي لإزجاء أوقات البطالة والفراغ، وتغنيهم عن الافتنان في اختراع الأقاصيص حول مسالك الكبراء والوزراء.
ومن هنا يكون في مقدور الحكومة المصرية أن تعرف ما يتحدث به الناس فتطب له قبل استفحال الداء.
أما صمت الصحافة العراقية عما يدور في أروقة الدوائر والدواوين فيروض العراقيين على الظن بأن الصحافة تطوى عنهم اشياء، فيتولون بأنفسهم خلق صحافة جديدة اسميها