في العراق صحافة أدبية لا تعرف تصريف الفعل من ساس يسوس، وهي صحافة مبثوثة في أرجاء العراق، فنرى لها ملامح في البصرة والحلة والنجف والموصل وبغداد، وقد نراها في الكوفة المسكينة التي عاشت مساجدها الجوامع طول العهد بالخراب، وقد نراها في (العمارة) ممثلة في صحيفة تسمى (الفرزدق)، قد نرى ملامح الصحافة الأدبية في كل مكان بالعراق، وإن لم تكن في قوة الصحافة الأدبية في وطن الأزهر والجامعة المصرية.
ولكن. . . ولكن هل ننسى قيمة الاستقرار في بلد الرشيد؟
لم يسم العراقيون عاصمتهم (مدينة السلام) أو (دار السلام) إلا استجابة لرغبة مقهورة هي الشوق إلى أن تكون عاصمتهم دار الأمان، وهي في جميع عهودها دار الخوف، أو دار الحرب، فما فيها موضع قدم إلا وهو معهد صيال لعزائم الأبطال.
والعراق حين يسألك عن حالك يقول: هل أنت مستريح؟ ومعنى ذلك أن التعب هو الحال الغالب في تلك البلاد!
وأقول إن الاستقرار الصحفي تظهر قيمته في (مجلة المعلم الجديد) فما هي تلك المجلة؟ هي مجلة تصدرها وزارة المعارف العراقية لشرح شؤون التربية والتعليم، وقد ظهرت في سنة ١٩٣٥، ولا تزال تصدر بقوة وحيوية تشهدان بقيمة النظام في العمل الذي يستريح مزاولوه من أعباء التكاليف الثقال: تكاليف المال.
مجلة المعلم الجديد هي السجل الصادق لآثار العقول العراقية في مختلف الشؤون، وقد عجب الشاعر على محمود طه صاحب (الجندول) من أن ينال من رعاية تلك مكانا لم يظفر بمثله بين مجلات وادي النيل، فكان ذلك شاهدا على أن مجلة المعلم الجديد تتسامى إلى الرعاية الأدبية لجميع آثار العقول في سائر الأقطار العربية.
ما شاء الله كان، فما نظرت في محصول مجلة المعلم الجديد إلا أيقنت بأن زملائي في بغداد قد وصلوا إلى أشياء، ولكن كيف وصلوا وهم بأعمالهم التعليمية مشاغيل!
السر كل السر في أن مجلة (المعلم الجديد) لا ينشر فيها حرف بالمجان، فهي تتخير من محصول العقول ما تشاء، ومن أخصب تخير - كما كان يعبر الأسلاف - وكيف تضيع مجلة تنفق عليها الدولة بسخاء؟!
لو أردنا اختبار المواهب العراقية في الصحافة والتأليف، لدعونا مجلة (المعلم الجديد) إلى