على نفي ما يوهم عدم الوحدة طريقاً هو أقرب إلى التلاعب بالألفاظ منه إلى الإتيان بنصيب إيجابي جوهري في حل هذا الإشكال. فقال:(الله له صفة كذا. . . وهي عين ذاته)
كل هذا بعد أن كان المسلم، وبعد أن كان في استطاعة كل مسلم كذلك أن يفهم، أن المعبود غير متعدد لا شريك له، وأنه غير ما في الكون من مخلوقات إذا تليت عليه آيات ربه الداعية إلى التوحيد وعبادة الخالق مثل قوله تعالى:(وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم). وبعد أن كان يكفيه في إثبات هذه الدعوى مثل قوله تعالى:(إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما انزل من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون)
تبعاً لذلك الشعار أصبحنا نسمع لأبى الهذيل العلاف من شيوخ المعتزلة رأيا في أن كلمة التكوين (قول الله للشيء: كن) التي تعبر عن الإرادة الإلهية حادثة لا في محل، وإن الإرادة تغاير المريد والمراد. وعلى هذا فكلمة التكوين في المكان الوسط بين الخالق الأزلي وبين العالم المخلوق الحادث. وهذه الكلمات المعبرة عن الإرادة الإلهية هي بمثابة جواهر بسيطة تشبه المثل وعقول الأفلاك.
يقرأ الكثير من المسلمين لأبى الهذيل العلاف هذا الرأي ولكن الذي يفهم المراد منه قليل، وهو الذي يعرف المثل، ويعرف لأي غرض وضع أفلاطون نظرية المثل، ولماذا كان القول بالوساطة بين المبدأ الأول (الله) والعالم؟ بينما المسلم إلى عهد الترجمة كانت نفسه مطمئنة إلى الإيمان بخلق الله للعالم على أية كيفية، وكانت حرارة هذا الإيمان تعمر قلبه فانتج وساد، وبينما كان لا ميزة لأحد على غيره في تصور تأثير الله في العالم، ولا مختصاً بسر من أسرار هذا التصور.
تبعاً لذلك الشعار أصبحنا نرى الملائكة تحدد بأنها (جواهر بسيطة، عقلية، علامة، فعالة، وبأنها صور مجردة عن الهيولي مستعملة للأجسام، مدبرة لها، ومنها أفعالها. كما وجدنا هذا التحديد يتخذ أساساً من أسس الإيمان (والثاني من الأمور التي يضعها واضع الشريعة - في نظر إخوان الصفا - ثم يبني عليها سائر ما يعمل أن يرى ويتصور موجودات عقلية،