أن يعرف أن للحياة الروحية جراثيمها الفتاكة فيجاهد لكفاحها وقتلها كما يفعل بأخواتها جراثيم الأجسام، حتى تسلم جميع قواعد بناء الحياة من أسباب الانهيار
ولكنه لم يعرف بعد الجراثيم الروحية، ولا يزال روحه يعيش في عصر التطبيب بالخرافات، كما كان يعيش في عصر الخرافات في طب الأجسام. . .
ولا يزال يسخر بأطباء الأرواح وعلاجاتهم كما كان يسخر بأطباء الأجسام حين يفاجئونه بكشف جديد لمرض قديم
فإلى أن يؤمن بما يصنع له طب الأرواح ويعمل به سيظل شقياً بتلك الأمراض التي هي اشد فتكا من الطاعون والسل والجدري وغيرها من الأمراض التي تهدم الإنسان وحده، ولا تهدم معه تاريخه ومبادئه ومبانيه وأمواله. . . فمن أعراض أمراض الروح تلك القنابل والصواعق والحرائق التي تترك المدن التي صبت فيها جداول المدنية والعلوم والتقت فيها الحضارات وثمار الجهود المشتركة خراباً ودماراً كأن لم تغن بالأمس
ولكن ينبغي له قبل ذلك أن يخرج من بين أطباء الأرواح أولئك الدجالين المشعوذين والأغبياء المحدودين الذين قد يقتلون النفوس بالعلاج الخاطئ، أو يغلقونها دون رحمة الله أو يصيبونها بعاهات، أو يعالجونها بالخرافات والشعوذة وأسباب الضلال، كما فعل بأشياعهم الذين كانوا يندسون بين أطباء الأجسام من قبل. . . حتى يستقيم علاجه على أيدي الأخصائيين الذين خلقهم الله لقيادة النفوس بالسلوك والمعاملة والبيان الواضح والفكر المضيء المنير. . .
أولئك الأوصياء لا يلزم أن تكون منهم في الأمم كثرة. بل ينبغي أن يكونوا قلة؛ حتى لا تصيبهم مصائب الزحام على الأرزاق والوظائف. . .
ويجب إلا يرتفعوا إلى المناصب بالوساطات والشفاعات و (الشهادات) بل بأنفسهم وما فيهم من خلق الوصاية الرشيدة والسياسة الحكيمة، والقدرة على إدراك الداء في كل نفس، ووصف العلاج
وينبغي أن يدقق في اختيارهم غاية التدقيق. وينبغي أن تكون وسائل العلاج هي ما صلح من مواريث القديم، وأصلح الآراء في علم النفس الحديث. . . أي ينبغي أن يكون علم النفس هو أساس التربية الروحية والدعوة إليها كما صار علم وظائف الأعضاء وعلم