للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والسقوط

فما الفرد وما المجتمع في بناء الأمة؟

المجتمع هو صورة البناء؛ والأفراد هم الأحجار التي يتكون منها البناء

فمن حدثكم أن العناية بالفرد علامة الأنانية فاعرفوا أنه رجل سطحي التفكير، لا يصل ذهنه إلى لباب الحقائق، ولا يهتدي عقله إلى دقائق الشئون

يرى الأستاذ سلامة موسى أن من الخطر أن يقول الفرد: (أنا وحدي) وأقول أن من عظمة الأمة أن يكون لأفرادها من القوة ما يسمح لأحدهم بأن يقول (أنا وحدي). . . وما ضعفت بعض أمم الشرق فيما غبر وفيما حضر إلا بسبب عجز أفرادها عن الشعور بتلك الوحدانية، فكان أكثرهم شبيهاً بالنباتات الضعيفة التي لا تفارق ذلة اللصوص بالأرض إلا حين تعتمد على جذع منصوب

واعتماد الفرد على المجتمع في أكثر الشؤون من علائم الانحطاط، وأعظم كلمة قبلت في وصف الشخصية الخلقية هي كلمة الشاعر الذي يقول:

يرى الوحشة الأنس الأنيس ويهتدي ... بحيث اهتدت أم النجوم الشوابك

والمنحطون هم الذين ينتظرون من الحكومة كل شيء، فهي عندهم مسؤولة عن صيانة جميع المرافق، وتدبير جميع المنافع، وإبعاد جميع المخاطر، و (إصلاح جميع الأحوال)

المنحطون هم الذين يفاضلون بين المرشحين للمجالس النيابية على أساس البراعة في التزيين والتهويل، فأقدر الرجال وأصلحهم للنيابة هو من يزعم أنه سيفرض على الحكومة أن تحول الدائرة التي ينوب عنها إلى فردوس لا يقتات ساكنوه بغير أقراص الشهد وأكواب الرحيق!

وما كان ذلك إلا بسبب الضعف في شخصية الفرد، ومن الأفراد الضعاف يتكون المجتمع الضعيف

ومن أجل هذا ادعوا إلى أن يكن لكل فرد وجود خاص، بحيث يشعر بالمسؤولية الخلقية في جميع ما يباشر من الشؤون: فالفلاح في المزرعة يشعر بسعادة عظيمة لوقوفه تحت الشمس حافي القدمين طاعة للواجب، والعامل في المطبعة يجد من الأنس في صف الحروف ما لا يجده اللاعب الظافر بالصيال فوق رقعة الشطرنج؛ لأن لصف الحروف

<<  <  ج:
ص:  >  >>