للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الوحدة السياسية يؤدي إلى انفصام في الوحدة الفكرية واللغوية

٣ - عوامل اجتماعية نفسية تتمثل فيما بين سكان هذه المناطق من فروق في النظم الاجتماعية والعرف والتقاليد والعادات ومبلغ الثقافة ومناحي التفكير والوجدان. . . وما إلى ذلك، فمن الواضح أن الاختلاف في هذه الأمور يتردد صداه في أداة التعبير

٤ - عوامل جغرافية تتمثل فيها بين سكان هذه المناطق من فروق في الجو وطبيعة البلاد وبيئتها وشكلها وموقعها. . . وما إلى ذلك؛ وفيما يفصل كل منطقة منها عن غيرها من جبال وأنهار وبحار وبحيرات. . . وهلم جرا. فلا يخفي أن هذه الفروق والفواصل الطبيعية تؤدي - عاجلاً أو آجلاً - إلى فروق وفواصل في اللغات

٥ - عوامل شعبية جنسية تتمثل فيها بين سكان هذه المناطق من فروق في الأجناس والفصائل الإنسانية التي ينتمون إليها والأصول التي انحدروا منها. فمن الواضح أن لهذه الفروق آثار بليغة في تفرع اللغة الواحدة إلى لهجات ولغات

٦ - اختلاف أعضاء النطق باختلاف الشعوب. فمن المقرر أن هذه الأعضاء تختلف في تكوينها واستعدادها ومنهج تطورها تبعاً لاختلاف الشعوب وتنوع الخواص الطبيعية المزود بها كل شعب والتي تنتقل بطريق الوراثة من السلف إلى الخلف. فلم يكن مناص إذن أن تختلف أصوات اللهجات العربية بعضها عن بعض باختلاف الشعوب التي انتشرت فيها، وأن تتجه كل لهجة منها في تطورها من هذه الناحية إلى منهج يختلف عن منهج غيرها

٧ - التطور الطبيعي المطرد لأعضاء النطق. فمن المقرر أن أعضاء النطق في الإنسان في تطور طبيعي مطرد في تكوينها واستعدادها ومنهج أدائها لوظائفها. فحناجرنا وحبالنا الصوتية وألسنتنا وحلوقنا وسائر أعضاء نطقنا تختلف عما كانت عليه عند آبائنا الأولين، إن لم تكن في تكوينها الطبيعي، فعلى الأقل في استعداداتها؛ بل إنها لتختلف عما كانت عليه عند آبائنا الأقربين

وغنى عن البيان أن كل تطور يحدث في أعضاء النطق أو في استعداها يتبعه تطور في أصوات الكلمات، فتحرف هذه الأصوات عن الصورة التي كانت عليها إلى صورة أخرى أكثر منها ملاءمة مع الحالة التي انتهت إليها أعضاء النطق. فكان من المستحيل أن تجمد ألفاظ اللغة العربية على حالتها الأولى في الأمم الناطقة بها؛ ولم يكن مفر من أن ينالها كثير

<<  <  ج:
ص:  >  >>