والإصلاح الديني عند المسيحيين وهو أبرز ما في تاريخهم الكنسي قام به رجل ألماني أسمه مارتن لوتر، وآخر سويسري أسمه كلفن، وثالث من أهل سانت جال بسويسرا أسمه تسوينجلي وليس واحد من هؤلاء من اليهود.
وحتى حركة حرية الفكر التي ظهرت في أوربا قبل الثورة الفرنسية فهي لرجال أمثال فولتير وروسو وديدرو ومونتسكيو، وفي إنجلترا أمثال دودويل وتيندل وكوليتر وكلهم كما يعرف الأستاذ مسيحيون لا علاقة لهم باليهود
وإن كان لليهود أثر ملحوظ في الدنيا الجديدة فهذا الأثر محصور في الأعمال المالية والتجارية، وهي مع قيمتها الاقتصادية لا تمت بصلة إلى الأدب أو الفلسفة أو الفن كما يمت أدب الإغريق وفلسفة الإغريق وفن الإغريق
ولعلي لم أدرك تماماً قصد الدكتور من علاقة القوانين الغربية باليهود؛ فغير خاف أن القوانين في إنجلترا مأخوذة في أول أمرها من العرف الذي تواضع عليه الناس هناك، وفي الدول اللاتينية أُخذ في لبه عن القانون الروماني. أما في العصر الحديث فهو عن الثورة الفرنسية والقانون الألماني. وقانون روسيا لا يخرج عن التشريع الشيوعي. وفي البلاد الإسلامية عن الشريعة المحمدية وعن بعض الدول الأوربية كقانون بونابرت.
على أن هذا لا يمنع أن نذكر أن لليهود أثراً في التشريع الخاص بهم حيثما وجدوا، فيما يتعلق بالأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والنسب. . الخ وطهارة المأكل وصحة الذبح، غير ما جاء في التوراة بسفر الخروج وأخبار الملوك.
وكتاب (تراث بني إسرائيل) مكتوب في عصرنا هذا لتمجيد اليهود، فلم يكن إلا نوعاً من الدعاية لقضية معينة؛ فكانت المبالغة فيه ظاهرة واضحة لمن يتعمق في درسه.
٧ - أما أن أثر الإغريق وأثر اليهود مسألة اعتبارية ونسبية فهذا يخرج بنا عن حدود المقارنة العلمية التي يقوم الحكم فيها على الحالة الذاتية للشيء وليس على الحالة النفسية للباحث.
وخلاصة ما تقدم:
١ - أن الأركيولوجيا لا تفسر وحدها الماضي بما خلفه، وليست مرجعنا الوحيد في دراسة