للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التخلص منها!

٢ - وأدخلوا على العبادات أنواعاً من البدع لم يأذن بها الله: يتصيدون لذلك من الأحاديث الضعيفة ما يؤيدون به شهواتهم، ويحاجون به ناصحيهم، حتى اختلط على الناس أمر الدين، ولم يعد أكثرهم يميز بين ما شرعه الله وما شرعته الأهواء: ففي الصلاة بدع، وفي الصيام بدع، وفي الحج بدع، وفي الذكر بدع، وفي الأذان بدع، وفي تشييع الجنائز وزيارة القبور بدع. بل استباحوا لأنفسهم أن يركبوا أنواعا ًمن العبادات أو الرسوم الدينية لم يكن يعرفهم المتقدمون: كفائدة الأربعاء، وإقامة الموالد، وإسقاط الصلاة عن الميت، وعدية يس، والعتاقة، ونحو ذلك من ألوان العبث الهازل الذي لا يليق بأمة دينها الإسلام، وكتابها القرآن!

ولقد أصبح المسلمون بذلك أشتاتاً: كل طائفة بإمام، وكل شيخ بطريقة، يكفر بعضهم بعضاً، ويفسق بعضهم بعضاً، وكل حزب بما لديهم فرحون!

٣ - أما في الفقه والتشريع، وتطبيق أحكام الله على مشكلات الحياة، وأمراض المجتمع وأحداث الزمن، فهناك الجمود والخمول: جمود لواهم عن التفكير، وأغمض عليهم كلام الله، وباعد بينهم وبين إدراك روح التشريع، وتقدير المصالح ودراسة فقه الحياة، وخمول زواهم عن الناس، وأنساهم أنفسهم وصرف العقول عنهم، وأيأس المفكرين منهم، وأضعف ثقة أهل الحكم والسياسة بهم وبشريعتهم: فذهبوا يلتمسون أحكام الحياة والمعاملات، ونظم المال والاقتصاد والعقوبات من شرائع أوربا، ويحكمون في بلاد الإسلام بغير ما أنزل الله، وتركوا هؤلاء قابعين في مساجدهم ومعاهدهم يتناقشون في حملة العرش هل هم أوعال أو غير أوعال، ويتدارسون أحكام المياه المطلقة والمياه المختلطة، ويختلفون في سؤر البغل: أطاهر هو أم طَهور، ويكتبون في مجلاتهم عن الحسد والرقية منه، وعن الجذب والشطح وما يكون فيهما، وعن العباد المكلفين: أيخلقون أفعال أنفسهم أم يخلقها الله لهم، وعن تلقين الميت: أمشروع هو أم غير مشروع؛ ثم عن العمامة والفاروقية، وأيتهما (تحقق) الشخصية العلمية. . . الخ

تركوهم لذلك وأشباهه يدرسون منه ما يدرسون، ويتركون منه ما يتركون، وينقطعون عنه ما ينقطعون، ومراكز الفقه والتشريع والإدارة والقضاء في أيدي غيرهم، وكراسي الحكم

<<  <  ج:
ص:  >  >>