للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

استخدام الكلمة في المعنى المجازي تؤدي غالباً إلى انقراض معناها الحقيقي وحلول هذا المعنى المجازي محله. واستخدام الكلمة في فن أو صناعة بمعنى خاص يجردها في هذا الفن أو في هذه الصناعة من معناها اللغوي ويقصرها على مدلولها الاصطلاحي. والتطورات التي حدثت في اللهجات العامية تحت تأثير هذا العامل تناولت آلافاً من المفردات العربية؛ حتى أنه ليندر أن يجد مفرداً عامياً مطابقاً في مدلوله كل المطابقة للمفرد العربي الذي انحدر منه

١٢ - يتغير مدلول الكلمة أحياناً تحت تأثير القواعد. فقد تذلل قواعد اللغة نفسها السبيل إلى انحراف معنى الكلمة وتساعد على توجيه وجهة خاصة. فتذكير كلمة (ولد) مثلاً في اللغة العربية (ولد صغير)، قد جعل معناها يرتبط في الذهن بالمذكر؛ ولذلك أخذ مدلولها يدنو شيئاً فشيئاً من هذا النوع، حتى أصبحت لا تطلق في كثير من اللهجات العامية إلا على الولد من نوع الذكور

١٣ - قد يتغير مدلول الكلمة في انتقالها من السلف إلى الخلف. فكثيراً ما ينجم عن هذا الانتقال تطور في معاني المفردات. وذلك أن الجيل اللاحق لا يفهم جميع الكلمات على الوجه الذي يفهمها عليه الجيل السابق. ويساعد على هذا الاختلاف كثرة استخدام بعض المفردات في غير ما وضعت له عن طريق التوسع والمجاز. فقد يكثر استخدام الكلمة في جيل ما في بعض ما تدل عليه، أو في معنى مجازي تربطه بمعناها الأصلي بعض العلاقات، فيعلق المعنى الخاص أو المجازي وحده بأذهان الصغار، ويتحول بذلك مدلولها إلى هذا المعنى الجديد

١٤ - وقد تغيرت في اللغات العامية مدلولات كثير من الكلمات، لأن الشيء نفسه الذي تدل عليه قد تغيرت طبيعته أو عناصره أو وظائفه أو الشئون الاجتماعية المتصلة به وما إلى ذلك. فكلمة (الريشة) مثلاً كانت تطلق على آلة الكتابة أيام أن كانت تتخذ من ريش الطيور. ولكن تغير الآن مدلولها الأصلي تبعاً لتغير المادة المتخذة منها آلة الكتابة؛ فأصبحت تطلق على قطعة من الحديد مشكلة في صورة خاصة. (القطار) كان يطلق في الأصل على عدد من الإبل على نسق واحد تستخدم في السفر، ولكن تغير الآن مدلوله الأصلي تبعاً لتطور وسائل المواصلات، فأصبح يطلق على مجموعة عربات تقطرها

<<  <  ج:
ص:  >  >>