للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما عرفت الفقيد ولا رأيته إلا في شعره، ولكنني والله ما تمنيت أن أرى مرثياً لم يتح لي لقاؤه، كما تمنيت أن أرى فؤاد بعد أن شفني رثاؤه. وهيهات

ولقد يكون من حسن التقدير أن نشير إلى قصيدة كانت (بيت القصيد) فيما سمعنا من القصيد، وهي قصيدة الأديب محمود السيد شعبان الدالية. . . استمع إلى حسن المقابلة في قوله:

فيا لك من حلم جميل قد انتهى ... ويا لك من حزن طويل قد ابتدأ

أو إلى قوله:

عرفتك سباقاً إلى كل غاية ... فهل كنت تهوى السبق حتى إلى الردى

أما الأخرى - وإن أغضبت صراحتها الرسالة - فقد زادتني إيماناً بأن الناقد الحق ينبغي أن يسمع الشاعر أو الكاتب خطيباً فيستشف منه ما لم يستشفه من قلمه، ويستشرف من روحه وصوته ونبراته، وموقفه وإشاراته ونظراته، إلى ما ينير له الطريق فلا يزيغ حكمه، ولا يضل قلمه

أيقنت أن قلم التحرير والتصحيح في الرسالة يعاني الأمرين في ضبط ما يرد إليها من قصائد الشعراء، وإلا فكيف نعلل هذا اللحن الشائن الذي كان يغيم على ألسنتهم خطباء؟. . .

لقد أتيح لنا في هذا الحفل أن نسمع من يقول في شعره (عرفت ورجعت ووقفت) فلعلها لهجة عامية غلبت على الألسنة. . . وأتيح لنا أن نسمع من يقول (تهرب منا القوافي) و (أمسك القلم)، وأن نسمع من يقول (كان فؤاد عبقري النفس عبقري الروح) و (كان ابن الرومي ثائراً) ويكررها مرات. . .

ومن البلية أن خطيباً استشهد بقول الفقيد (المصلحون وليس فيهم مصلح) بالرفع وهو ضبط صحيح كما ترى، ولكنه حسب أنه أخطأ فأعادها (مصلح) بالجر. . .

أفبعد هذا نستبعد أن يكون لقلم التصحيح في الرسالة فضل كبير فيما نراه من ضبط صحيح؟. . .

فشكراً لمواقف الخطابة. . . إنها تبصرك بالأدباء فلتعرفنهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول.

<<  <  ج:
ص:  >  >>