تدرس من قبل، وأصبح يدرس فيه التاريخ الطبيعي، وتدرس فيه الطبيعة والكيمياء، ويدرس فيه الجبر والهندسة؛ وقبل الأزهر في قسم تخصص القضاء الشرعي دروساً في وظائف الأعضاء، ودروساً في التشريح قبل الأزهريون كل جديد، وأعدوا أنفسهم له، وزالت كل العقبات التي كانت من قبل، ولم يبق إلا إصلاح طرق التعليم وإيجاد المعلمين الأكفاء وتوزيع العلوم على الأقسام توزيعاً صحيحاً، وإذا كانت هناك بقية تعترض الجديد فلم يبق لها من الشأن ما تستطيع معه أن تكون عقبة في طريق الإصلاح.
في الدولة الآن مدارس متعددة بنوع واحد من التعليم: فيها دار العلوم لتعليم اللغة، وفيها الأزهر وكل المعاهد لعلوم اللغة، فيها مدرسة القضاء الشرعي للفقه ونظم القضاء، وفيها الأزهر للفقه ونظم القضاء، وفيها تجهيزية دار العلوم، وفي الأزهر أقسام تماثلها.
تنفق الدولة على هذه المدارس جميعها، ومن الممكن أن تقتصد في هذه النفقات، ومن الممكن أن تضم هذه النفقات بعضها إلى بعض وتوحد جهودها لتخرج أمثلة أحسن من هذه الأمثلة.
في الدولة أشكال مختلفة من العلماء تخرجوا في مدارس مختلفة، يحسد بعضهم بعضاً وينقم بعضهم على بعض، ولهذا أثره في إفساد الأخلاق.
لم لا يحملنا هذا كله على التفكير في توحيد الجهود وتوحيد النفقات؟)
ومنها في وصف الكتب القديمة قوله:
(هي كتب معقدة لها طريقة خاصة في التأليف لا يفهمها كل من يعرف اللغة العربية، وإنما يفهمها من مارسها ومرن على فهمها، وعرف اصطلاح مؤلفيها. . . وأرجو الله أن يمكننا من الاستغناء عنها بأحسن منها. فنحن في حاجة إلى رسل بين القديم والحديث. وأولئك الرسل يجب أن نعلمهم القديم والحديث ليخرجوا للناس حديثاً جيداً؛ فلابد لنا من علماء فيهم من القوة ما يستطيعون به فهم تلك الكتب القديمة ومعرفة تلك الطرائق القديمة، وفيهم من القوة ما يستطيعون معه تصوير ذلك في أسلوب حديث، ولذلك فإنه يجب أن يراعى في النظام الجديد للأزهر عدم إهمال طرقه الأصلية في البحث وفهم الكتب).
ومنها قوله:
(وهناك أمر لا يصح الإغضاء عنه: ذلك أن مدارس دار العلوم والقضاء وتجهيزية دار