أعين، واجعلنا للمتقين إماماً). . فالأمل الذي تردد على ألسنة النبيين والمؤمنين في الزوجة والذرية، مظهر صادق لسلامة الطبع وصدق الايمان، حتى ليرويه عنهم القرآن ويمتدحهم به، ويشهد لهم بحسن المقصد وصواب التقدير لما في الحياة الزوجية من خير لهم وللناس. وهاهم المؤمنون يختتمون دعاءهم بإجمال الطلب في قولهم:(واجعلنا للمتقين إماماً)؛ وهذا هو القرآن يشيد بتلك الأماني، ويعدهم بالاستجابة:(أولئك يجزون الغرفة بما صبروا - الجنة - ويلقون فيها تحية وسلاماً. . .).
وفي هذا النبأ عن الأنبياء والمؤمنين توجيه للناس أن يأخذوا بأسباب التقليد لأولئك الصفوة، ومتابعة السير على هداهم: قضاء لحق الدين، وتلبية للطبيعة، ورعاية لحاجة الأمة في الإكثار من سوادها وتقوية جماعتها. . . وهذا هو ما أجمله النبي (ص) في قوله: (تناكحوا، تناسلوا، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة).
فهذه دعوة ملحة جهر بها النبي (ص) في صراحة أكيدة ويرددها في وجه الشباب بنوع خاص، إذ هم مطمح الأمل، وهم القوة التي يشتد بها ساعد الأمة، وعلى أيديهم نهضتها ممثلة في كل أعمالهم، فيقول النبي (ص): (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج. . .)، يعني من تيسرت له وسائل الحياة الزوجية، فعليه أن يفعل.
وإن النبي ليرثى لمن تخلف عن الحياة الزوجية، وينبه إلى أن شيئاً آخر لا يعدلها، وإن تهيأ لبعض الأذهان القاصرة، أو لبعض النفوس التي ألهتها مطامعها وشهواتها في غير هذه الناحية عن هذه الناحية.
فيقول (ص) في ذلك: (مسكين، مسكين رجل ليست له امرأة. قالوا: وإن كان كثير المال؟ قال: وإن كان كثير المال. مسكينة، مسكينة امرأة لا زوج لها. قالوا: وإن كانت كثيرة المال؟ قال: وإن كانت كثيرة المال). . . فأنت ترى من حِكم النبوة، بل من وحي الرسالة، أن متاع المال وأن كثر لا يعدل متاع الزوجة للرجل، ولا متاع الزوج للمرأة.
وإن يكن في الدنيا ضروب من المتاع وألوان أخرى للحياة فلعل الحياة الزوجية أول هذه الضروب وأصدق هذه الألوان. ولسنا نعني مطلق الزوجة ومجرد اقتناء الحليلة، بل الزوجة التي تكفل للزوج هناءة ووفاقاً، على ما يأتي - بعد - من أوصافها. وذلك ما أُوحى به إلى النبي (ص) وجرى على لسانه في إيجاز عذب وكلمات أخاذة هي قوله: (الدنيا