للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأنفاسه في هذه الحائية تذكر بأنفاسه في الحائية الثانية

تذكر السفح فانهلت سوافحه ... وليس يخفاك ما تخفى جوانحه

صدع الهوى يا عذولي غير ملتئم ... يدريه بالبان من أشجاه صادحه

فهذه القصيدة من ذخائر الأدب العربي ولا ينكر قيمتها إلا غافل أو جهول، وهي مقدودة من روح الشاعر، وليس فيها بيت إلا وهو صورة من أقباس وجده المشبوب.

وهل في الدنيا أديب عربي لا يحفظ هذا البيت:

كم أداوي القلب قلَّتْ حيلتي ... كلما داويت جرحاً سال جرح

أما الفريدة الثانية فهي العينية

رأى اللوم من كل الجهات فراعه ... فلا تنكروا إعراضهُ وامتناعهُ

ولا تسألوني عن فؤادي فإنني ... علمتُ يقيناُ أنه قد أضاعه

له الله ظبياً كل شيء يَرُوعهُ ... ويا ليت عندي ما يزيل ارتياعه

ويا ليته لو كان من أول الهوى ... أطاع عذولي واكتفينا نزاعه

فما راشنا بالسوء إلا لسانُهُ ... وما خرب الدنيا سوى ما أشاعه

فأصبح من أهوى على فيه قُفلة ... يُكتم خوف الشامتين انفجاعه

وآلى على أن لا أقيم بأرضه ... واحرمني يومَ الفراق وداعه

فرحت وسيري خطوة والتفاتة ... إلى فائت منه أُرجى ارتجاعه

ذرعت الفلا شرقاً وغرباً لأجله ... وصيرت أخفاف المطيِّ ذراعه

فلم يبق بَرٌ ما طويت بساطه ... ولم يبق بحرٌ ما رفعت شراعه

كأني ضميرٌ كنت في خاطر النوى ... أحس به واشي السُّرى فأذاعه

أخلاي من دار الهوى زارها الحيا ... ومد إليها صالح الغيث باعه

يعيشكم عوجوا على من أضاعني ... وحيوه عني ثم حيوا رباعه

وقولوا فلان أوحشتنا نِكاتهُ ... وما كان أحلى شعره وابتداعه

فتىً كان كالبنيان حولك واقفاً ... فليتك بالحسنى طلبت اندفاعه

أبحت العدا سمعاً فلا كانت العدا ... متى وجدوا خرقاً أحبوا اتساعه

فكنت كذي عبدٍ هو الرجل والعصا ... تجنَّى بلا ذنب عليه فباعه

<<  <  ج:
ص:  >  >>