إذا كانت الآلة قد تحركت بسرعة تساوي سرعة الزمن، فهي تبقى دائماً في الحاضر. أما إذا كانت قد تحركت بسرعة تفوق سرعة الزمن، فتكون قد اندفعت في المستقبل. أما إذا كانت سرعتها أقل من سرعة الزمن، فإنها قد عادت إلى الماضي. هذه ثلاثة احتمالات نفي أحدها وهو الأول، لأن الآلة لم تبق في الحاضر، ولم يكن لدى صاحب الاقتراح طريقة يفصل بها بين الاحتمالين الآخرين، إلا أنه يقول لصاحبه: إن راكب الآلة يستطيع أن يتحقق من ذلك بنفسه. وإذا ما سألوا كيف ذلك أجابهم أن تلك الآلة الصغيرة لم تكن إلا أنموذجاً للآلة التي سيمتطيها عند رحلته في آفاق الزمان. وينتقل بهم إلى مختبره يريهم تلك الآلة، ثم ينفض الاجتماع على أن يعودوا في الأسبوع القادم لإجراء التجربة على الآلة الكبرى.
نحن في مساء الخميس التالي، وقد جلس الرفاق ينتظرون على أحر من الجمر مخترع (آلة الوقت) الذي تأخر على غير عادة ويقررون أن يقضوا الوقت في تناول طعام العشاء، ويتناقلون في هذه الأثناء حديثاً متقطعاً قلقاً، ينبئ عما في نفوسهم من الشوق الملح لمجيء صاحب الاختراع.
لا تسل عن مقدار فرحهم ودهشتهم في آن واحد عندما فتح الباب بكل هدوء وسكون ودخل صاحب الاختراع شاحب الوجه مغبر الثياب، دامي الأقدام، كأنه عاد من سفر بعيد عانى فيه ما عانى (السندباد) من ألوان العذاب والشقاء في جميع رحلاته. وتحار الأسئلة على وجوههم فلا يعبأ بها، ويعمد إلى كأس مما بين أيديهم من الشراب فيكرعها حتى آخر قطرة، وكأنه استعاد بعض حيويته ونشاطه، يخبرهم أنه ذاهب إلى الحمام، ويرجوهم أن يتركوا له قطعة لحم، فهو يخشى على معدته أن تهضم نفسها لفرط ما بلغ منه الجوع. . . ويعود بعد هنيهة موفور النشاط يقص عليهم خبره مشترطاً ألا يقاطعه أحدهم أو أن يضطره للجدل والنقاش اللذين لا يحتملهما جسمه المجهد المضني. قال صاحبنا:
(لقد قدر لبعضكم أن يروا يوم الخميس الفائت (آلة الوقت) وهي في طور العداد والتركيب، وفي صباح اليوم فقط قدر لآلة الوقت الأولى أن تتنسم أولى نسمة من نسمات الحياة وأن تدخل في العمل؛ فقد ألقيت عليها نظرة فاحصة أخيرة، وسكبت بعض نقاط الزيت بين