الغِنَى أجمل مظهر من مظاهر الأخلاق، جعلنا الله جميعاً من الأغنياء!
الباقيات الصالحات من الشمائل الإنسانية
يذكر أخونا الزيات - حفظه الله ورعاه - أني أرسلت إليه كلمة سايرني خيالها في تجوالي بين الإسكندرية وأُسوان، وأنه طوى تلك الكلمة لأسباب لا يجهلها القراء؛ فهل أستطيع أن أسجل أن الإنسانية لا تزال فيها شمائل من الباقيات الصالحات؟
من شمائل الإنسانية في هذا العصر أن من الممكن أن تُعفَى بعض المدائن من أهوال الحرب، إذا شاء أهلوها أن يجعلوها في أمان من البلاء
ومن شمائل الإنسانية في هذا العصر أن يُعفَى (اتحاد البريد) من التعطيل، ولو وُجَّهتْ رسائله إلى ميادين الحروب
وبفضل هذه الشمائل الإنسانية حمل إلى البريدُ كتاباً من حضرة الأستاذ غالب المؤيد العظم، وهو يعلن رضاه عن مجلة الرسالة، وعن المقال الذي نشرته بعنوان:(الفرد هو الحجَر الأول في بناء المجتمع)
فإلى ذلك الأستاذ الفاضل أقدَّم أصدق التحيات، وأرجوه أن يعفيني من نشر قصيدته في الثناء على صاحب ذلك المقال وإن عاد السلام فسيكون لنا مع أصدقائنا في جميع البلاد العربية أحاديث وأحاديث
لا تنزعجوا
ظن القراء أني قد أطيع جماعة الثائرين فأنسحب من الميدان الأدبي، فكتب فريق منهم رسائل طريفة يدعونني فيها إلى الثبات في الميدان
وأجيب بأن أعز أصدقائي هم أولئك الثائرون، وأنا بثورتهم مزهوٌّ مختال، لأنها تشهد بأنهم يسايرونني بيقظة والتفات، فثورتهم ليست إلا فنَّا من فنون الإعجاب
والحق كل الحق أني لا أفكر أبداً في إيذاء قرائي بعرض ما قد ينكرون من المذاهب والآراء، وإنما أنا مسئول أمامهم عن التزام الصدق في جميع الأحوال ولو تعرضت لغضبهم المهتاج؛ وثورتهم علىَّ بسبب الصدق أخف وأهون من ثورتهم على بعض الناس