لمالهن فلعله يطغيهن، وأنكحوهن للدين. ولأَمة سوداء خرقاء ذات دين أفضل)
يريد النبي (ص) أن حسن المرأة - من غير دين يكون سياجاً لها - يدفع بها إلى مهابط الرذيلة. ويريد أن مالها - من غير دين تتوقر به - يحملها على الطغيان وسوء العشرة. ويريد النبي (ص) أن امرأة سوداء خرقاء - يعني مخزومة الأذن على نحو ما كان معهوداً في الإماء المملوكات - أو خرقاء ناقصة العقل مع احتفاظها بالدين: أفضل ممن خسرت دينها وإن بلغت من المال والجمال والحسب فوق ما يشتهي الرجال من المطامع
وليس القصد من الدين أن تصلي المرأة وتصوم - مثلاً - وكفى ولو كانت سيئة الطباع؟ - لا - بل التي هذب الدين أخلاقها، وحفظ عليها حياءها، واستمدت من روحه وآدابه تربيتها، وإن ورثت هذا عن بيئتها وأهليها؛ حتى لا تكون مبتذلة جارحة لسمعته، ولا حمقاء متعبة في عشرته، ولا جشعة مستقلة لخيره، متلفتة إلى غيره
وفي حديث آخر ينصح النبي (ص) باجتناب خصال ثلاث وباجتناب من عرفت بها أو ببعضها من النساء فيقول: (لا تتزوج حنّانة، ولا أنانة ولا منانة)؛ والحنانة: التي عرف عنها أنها تسخط حياة زوجها، وتحن إلى عهدها قبل التزوج منه؛ والأنانة: التي عرفت بالأنين والشكوى مما بيدها أو من حظها، أو من صحتها؛ والمنانة: التي ترى لنفسها فضلاً تعتد به على الزوج. فواحدة من هذه النقائص تغض من راحة الزوج في عشرتها، وتخرج بها عن الإلف والامتزاج إلى الضغينة والشحناء واتساع الخلاف؛ وما لشيء من هذا يراد الزواج
وهكذا يطلب من الرجل أن يكون ذا دين، ويحث النبي على تفضيل المتدين على سواه، مع مراعاة الوسائل الأخرى التي ينشدها الإسلام في الزوج من خَلق وخلُق، ومن قدرة على الحياة الزوجية، ولياقة في الحسب
فيقول (ص): (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخُلقه فزوجوه. إلاّ تفصلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض). يقصد النبي (ص) رعاية الدين والخلق، والتنفير من الأحمق والفاسق وإن اجتمعت فيهما أسباب القبول بعد هذين. وإلا كانت حياة نكدة بين الزوجين، وكان فساداً في نظام الأسر، وهدماً في بناء المجتمع، وشراً لا يقف عند حد، والدين - كما نوهنا من قبل - حريص على استئصال الشر من جذوره