للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أما ما يقول به البعض من أن المرأة إذا كانت شريفة بطبعها واثقة بنفسها، موثوقاً بها، فهي تستطيع أن تبقى طاهرة مطهرة، حصينة محصنة، تحت أي ظرف أو ضد أي ظرف من ظروف الإغراء والسقوط، فهذا شيء من الصعب التسليم به، فمن الخطأ أن توفر لإنسان أسباب الشر وتغريه بها وتحببه إليها مع علمك بأنه ضعيف أمام سطوة الشيطان، ثم تزعم أنه يستطيع التغلب عليها؛ وقد قالت حكمة القدماء أن الوقاية خير من العلاج

وقد قال البعض أيضاً أن العلم والثقافة يقيان المرأة شر السقوط. ولكنا لا نستطيع أيضاً أن نسلم بهذا؛ فإننا قد رأينا المتعلمين والمتعلمات هم الذين يبدءون بفكرة الاختلاط ويسرفون في الحرية التي يهيئها لهم علمهم وثقافتهم فيغرون بذلك طائفة أخرى أكثر منهم عدداً وأقوى منهم أثراً، ولكنها أقل علماً وفهماً. هؤلاء هم أنصار المتعلمين والمتعلمات الذين لا يقدرون الأمور كما يجب أن تقدر، ولا يفهمون الحرية كما يجب أن تفهم، فيعتقدون أن الأمر عبث ولهو لا أكثر ولا أقل، فيندفعون وراء عقولهم الضعيفة وقلوبهم المستسلمة ويصبحون الخطر الأعظم. أما المتعلمون الذين ينفعهم علمهم ويقيهم شر السوء فهم الذين بلغوا من العلم شأواً بعيداً. أما الذين لم يصيبوا منه مثل هذا القدر فإنه يتسرب إلى اعتقادهم أن العلم يعطيهم شيئاً من الحرية وشيئاً من التفكير في الأمور من نواحيها السهلة الضعيفة فيتناسون ما فيها من قيود شديدة، وبهذا يصبحون مستهترين إلى حد ما. فخير إذا أن نترك الأفكار الصالحة تسيطر على العقول والنفوس على شكل تقاليد وعادات تتوارثها الأجيال، فلا تجرؤ على مهاجمتها. وخير للمرأة إذن ألا تسرف في الاستنتاجات من الفلسفة والعلم، وإنما يجب أن يكون علمها في الشؤون التي خلقت لها وهي فنون البيت وشؤون الأسرة، وأن تكتفي فيما عدا ذلك بما تشير به تعاليم الدين وتقاليد البلاد. فليتجنب الجميع منابع الشر، وليبتعدوا عن مسبباته درءاً للخطر، وبخاصة أنه ليس هناك ما يستوجب الاقتراب منه

وإنما نحمل المرأة أكثر التبعة نظراً لأنها تعلم حق العلم أن مسعاها غير مسعى الرجل فهي سريعة التأثر كالزهرة اليانعة إذ لمستها الأيدي الكثيرة ذبلت وتناثرت أوراقها وديست بالأقدام، بينما حال الرجل ومسعاه قليل التأثر. فلو أن المرأة لم تقدم نفسها إلى الرجل ولم تسهل له سبيل الاتصال بها ولم تستمع إلى إغرائه وغوايته لما جرأ هو على الاستخفاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>