للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى ذكر أن البدء معناه السيد أذكر بيتاً يستشهد به النحاة في باب الجوازم وهو:

فجئت قبورهم بدءاً ولمَّا ... فناديت القبور فلم يجِبْنَه

أي ولما أكن بدءاً قبل ذلك أي سيداً

محمد محمود رضوان

المدرس بالمدرسة النموذجية

المرحوم إبراهيم طوقان في العراق

حظيت بزمالة الراحل الكريم في دار المعلمين الريفية بالرستمية من ضواحي بغداد - وقد كان قبل هذا العام في إذاعة القدس، ولكن نفسه الكبيرة ضاقت بها فمكث معنا قرابة نهاية العام الدراسي الحالي، بعد جهد حميد بذله لطلابه؛ ولكن جسمه النحيل الذي يحمل هذه النفس العالية والروح الشاعرية لم يحتمل عناء الدرس، فانقطع عن المدرسة وعاد، ثم انقطع وعاد، ولكن المرض غالبه، ففضل الاستقالة والعودة إلى (نابلس)

عاش معنا سبعة أشهر كان فيها مثال الأخ الكامل والصديق الوفي. كان حلو الحديث جميل المعاشرة عذب السمر، تجلس معه فلا تحب ترك مجلسه؛ يغمرك بما تطلب منه من شعر جذاب يملك على النفس مشاعرها، من شعره وشعر شوقي وحافظ والجارم وعلي محمود طه وكان معجباً به لأن شعر طه كان يفيض على البلاد العربية، وقد كان الفقيد حدباً على العرب والعربية، وكثيراً ما كان يحدثني عن شعراء مصر وأن كثيراً منهم لا يهتم بغير ذكر مصر ورجال مصر وآلام مصر وآمالها، فحملني رجاءه إلى شعراء مصر الإجلاء أن يعنوا بالشرق العربي حتى يكون الشعر المصري النفيس الغالي ترنيمة المواطن العربية جميعها. لأن الجميع ينظر إلى مصر وشعرائها وكتابها نظرة الإمامة والتبجيل والقداسة وما كنت أعتقد هذا الرجاء سيصبح يوماً ما وصية الراحل الكريم لشعراء مصر الأكرمين. ولقد كان كثير الاهتمام بمصر وأخبارها السياسية والأدبية، ولا غرابة في ذلك، فقد حدثني بأنه تربطه بمصر رابطة الأصل والنسب

مات طوقان؛ وهو عزيز على دولة الأدب، عزيز على زملائه وطلابه.

وإن الكلام في نواحي عظمة طوقان، وكرم نفسه وعلو همته، وعراقة محتده، لا تسعه هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>