للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه)

والإسلام يبيح بهذا الأمان تبادل التجارة بين المسلمين والمحاربين، وتبادل المنافع الأخرى والثقافة وسائر الأعمال

وهو لا يقيد المسلمين في ذلك إلا بان يحتاطوا لأنفسهم ودينهم ودولتهم، ولذلك يحرم عليهم أن يبيعوا السلاح والذخيرة والخيل والعتاد الحربي إلى أعدائهم

وهو في الوقت نفسه يهيئ بهذا الأمان فرصة للمستأمنين تمكنهم من تفهم حقيقة الإسلام وإدراك أغراضه عن كثب. ولقد كان للإسلام من ذلك وسيلة قوية لنشر دعوته وإيصال كلمة الله إلى كثير من الأقاليم النائية من غير حرب ولا قتال

ويقرر الفقهاء (انه يجيب على الإمام - إذا وقت للمستأمن مدة - إلا يجعل المدة قليلة كالشهر والشهرين، فإن في ذلك إلحاق العسر به خصوصاً إذا كان له معاملات يحتاج في اقتضائها إلى زمان طويل)

٦ - ومن تقاليد الإسلام في أثناء الحرب رعاية الرسل الذين يقومون بالسفارة بينه وبين المحاربين وشدة الحرص على سلامتهم وتكريمهم والمحافظة عليهم حتى يعودوا إلى مأمنهم، ورفض الاحتفاظ بهم ولو خلعوا أنفسهم من قومهم، وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم شواهد كثيرة على ذلك من أروعها ما يرويه أبو رافع إذ يقول:

بعثتني قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته فوقع الإسلام في قلبي فرأيت إلا أعود إليهم. فقلت يا رسول الله: لا أرجع إليهم. فقال: إنني لا أخيس بالعهد ولا أحتبس البرد. ارجع إليهم، فأن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع إلينا

٧ - ومن تشريع الإسلام في أثناء الحرب قاعدة معاملة الأسرى. أمر بالإحسان إليهم، وعدم مسهم بأذى، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسير: احسنوا إساره. وقال اجمعوا ما عندكم من طعام فابعثوا به إليه

وقد حث القرآن الكريم على تكريم الأسرى عامة، وجعل ذلك من البر الذي هو علامة الإيمان فقال جل شأنه في التمدح بصفات المؤمنين:

(ويطعمون الطعام عل حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً)

<<  <  ج:
ص:  >  >>