وهل فقد الناس مثل من فقدت في قديمٍ أو حديث؟
دلوني على صديق في مثل أخلاق عبد القادر، ليخلفّ عتبي على الأقدار التي أطفأت نوره الوهاج ولم يعد الثالثة والستين؟
دلوني على صديق لا يثور عليَّ ولا أثور عليه، وأن أسرفت الحوادث في إفساد ما بين الأصفياء
أمِثلك يموت، يا عبد القادر، وكان روحك بشير الخلود؟
نعاك الناعون وبكاك الباكون، يا عبد القادر، وأنا وحدي أحمل من رزئك الأثقال، لأني أول وآخر من ظفر بثقتك الغالية ولأنك أول وآخر من وثقت بهم بلا تحفظ ولا احتراس
ما أحرّ وجدي لفراقك، يا أخي وصديقي
وما أشقاني لبُعدك، يا أصدق من عرفت بين أحرار الرجال
أخي وصديقي:
أظلم نفسي وأظلم الحق إذا قلت بأن الدنيا لم تعرف رجلاً في مثل شمائلك، ولكني أظلم نفسي وأظلم الحق إذا قلت بأني عرفت في حياتي صديقاً أنفع منك، وكنت وحدك الرجل الذي أقنعني بأن للصداقة مكاناً بين أطايب الوجود
أنا حزين لفراقك، يا عبد القادر، حزين، حزين،
وإن امتد الأجل، فسوف أجزيك وفاءً بوفاء، وإخلاصاً بإخلاص.
أما بعد فما أحب أن يشغلني بكاء هذا الصديق عن شرح بعض الشمائل التي صار بها رجلاً يضر وينفع، ففي ذلك توجيه يستفيد به الناشئون من أبناء هذا الجيل
عرفت عبد القادر أول مرة - معرفة أدبية لا شخصية - عن طريق ما كان يكتب في (الأهالي) سنة ١٩١٩ وكانت جريدة صغيرة الحجم، ولكن أسلوبه في تحريرها كان يجعل منها جريدة قوية لا يستغني عنها من يحص على غذاء العقل والوجدان
ثم كانت (الأهالي) سميري وأنيسي في وحشة الاعتقال، لأنها كانت تساير جريدة (الأمة) لسان الحزب الوطني في ذلك الوقت، ومن لم ير كفاح (الأهالي) و (الأمة) في محاربة (مشروع ملنر) فليس من حقه أن يتوهم أنه شهد صيال الأقلام في خدمة القضية المصرية
كانت هاتان الجريدتان تصدران في الإسكندرية، وكان المعتقل الذي صرنا إليه بعد معتقل