الرتب والألقاب الملكية؛ وكلفني الحصول الحصول على وثيقة تثبت أن واحداً من الذين نالوا رتب التشريف إذ ذاك من أصحاب السلوك السيئ. واستطعت أن أنقل إليه الصيغة الرسمية لتلك الوثيقة من حفظي وقدمتها إليه وهو لا يكاد يصدقْ. ومرت الأيام والأسابيع ولمْ يبدأ حملته تلكْ ولم ينشر وثيقتي أو يشر إليها، حتى ظننتُ أنهُ لمْ يعتمد على ثقتي
ولكنهُ بعد وقت طويل بدأ بنشر وثائق تلكَ الحملة بعدَ أن هيأها فكرة المنظم العجيب؛ وكانت وثيقتي واحدة من نظريات كثيرات جعل منها عبد القادر حمزة من أعظم ما قام به صحفي في مصر: براعة وقوة وتوفيقاً
وهو في كل هذا الصراع القاتل لمْ ينس مرة واحدة عفة قلمه ولسانه في الخصومة. لا أذكر أني سمعتُ منه في ألد خصومه أعنف من هذهِ الكمة:(هؤلاءِ ناس مضللون!)
كان محرر (السينما والمسرح) في (البلاغ) في إحدى تلك السنين شاباً قليل الخبرة، ولو أنهُ طاهر النفس. فكتب عن إحدى الممثلات المصريات كلمة ذات وجهين أحدهما قبيح؛ وتحدثت هي في ذلك بالتلفون إلى عبد القادر باشا، وبعد لحظة دعا ذلكَ المحرر عندهُ، وعنفهُ أشد التعنيف، وأمر بفصله من (البلاغ) وكان كثيراً ما يفعل ذلك معهُ ومع غيره ثمْ يعفو، ولكنهُ في هذهِ المرة لم يقبل فيه شفاعة شافع. ولم ير العاملون مع عبد القادر حمزة أنه غضب من شئ بمثل ما غضب في ذاك.
وكان من صفات عبد القادر حمزة أنهُ عنيف في حبه عنيف في بغضه، وذلك شأن صاحب القلب العظيم
ذلك الصراع الذي أشرت إليه بينه وبين خصومه في السياسة والحكم دام سنتين لقي فيها عبد القادر حمزة من العنت والجبروت ما يوهن عزائمْ جيش من الرجال الصامدين؛ وكان هو من بين تلك الزعازع كالأشم الراسخ، لا تنال منهُ الرياح ولا الأعاصير، ولا يزيده العنت إلا عناداً. كنا نراه في (البلاغ) يزلزلُ أقدامَ خصومه في كلِ يومٍ. ثم هو يسير إلى حجرته صامتاً ويجلس إلى مكتبه صامتاً، ويكتب ويراجع ويصحح صامتاً، ويعود للعمل في المساء معنا صامتاً، كأن هذهِ القيامة القائمة في مصر ليست منه ولا بسببه؛ وكان في أشد الأيام حلوكة وسواداً لا بني يقول: نحن قريبون من النصر. ولست أنسى ضحى ذلك اليوم وقد انتهى فيه صراع عبد القادر حمزة إلى نجاح فريد، وقد صعد ذلك الرجل الوقور