الآخرة مأثم مأخوذ به من يقترفه، وعهد مسؤول عنه من خان فيه
(ا) أدب الزوج
يقول الله سبحانه للأزواج في شأن زوجاتهم:(وعاشروهن بمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)، فالقرآن يعطف قلب الرجل على زوجه، ويعلمه أن العشرة بالمعروف أمر يحتمه الدين إن لم تنهض به مروءة ولم تدفع إليه عاطفة
حتى إذا ما فترت جذوة الحب، وهدأت وقدة الاشتياق، وبدأ يلتوي عنها زهادة فيها أو طموحاً إلى سواها؛ فمن الحزم ألا يغلو في الصدود عنها، وألا يسرف في متابعة هواه، وأن يلتمس الخير من جانبها، فربما كانت - على سلوته عنها - مصدر نعمائه، وملتقى أمله ورجائه، وكثيراً ما تعزف النفس عن شيء ويجعل الله فيه خيراً كثيراً
كذلك يأمر الله أن يبسط الزوج كفه بالإنفاق على الزوجة غير مسرف ولا مجهود، بل على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، (لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله)، فليس جائزاً للواجد أن يبخل، ولا مطلوباً من المعسر أن يتكلف، وإلا تصدع البناء بجموح المرأة إذا استفزها الزوج بشحه وتقتيره؛ وكم ترامي إلى الأسماع من سوء القالة بسبب شح الزوج، وعدم قيامه على رعاية الزوجة فيما تقتضيه العشرة. . .
فلإسلام حينما يطلب إلى الأزواج أن تسخو أيديهم على الزوجات، لا يرمي إلى شهوة الطعام والشراب وحدها، وإنما يتجه إلى شيء لا يعدله شيء، وإلى الاحتفاظ بنفيس دونه كل نفيس؛ ذلك هو العفاف مصوناً مما يشوبه، مضنوناً به أن تنال منه المساومات وتستغل فيه الحاجة
وفوق هذا الحض على كفاية الزوجة، يحظر علينا الإسلام أن يطمع الرجل في مال زوجته، أو يحتال في استرداد ما أعطاها من صداق؛ ويقول القرآن في ذلك:(يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً، ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن) ويقول: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) ففي هاتين الآيتين يمنع الإسلام أن يقتنص الرجل مال المرأة كرهاً، على نحو ما كان شائعاً في الجاهلية، ويمنع أن يعضلها الرجل - يضايقها بنوع من أنواع الإساءة - ليستدرجها إلى ترضيته بشيء من مالها، أو لترد إليه بعض ما أعطاها. ويأمر الإسلام أن يدفع الزوج إلى الزوجة ما تستحقه من الصداقة نحلة: