التي يعيش فيها، بل هو لا يكون أدباً حياً إلا إذا امتزج بها وكان وحياً منها؛ ولهذا السبب يكون نقل الأدب المصري القديم الآن الى اللغة العربية تجريداً له من هذه العناصر كلها فوق تجريده من الصياغة وموسيقاها؛ ولهذا السبب نفسه سترانا محتاجين في كثير من الأحيان الى إعطاء بيانات وتعليقات ننقل بها القارئ - على قدر استطاعتنا وفي حدود دراستنا - الى العصور التي قيل فيها ما نعربه لهم من القطع الأدبية)
جلال المهمة
هذا هو رأي عبد القادر حمزة في الترجمة؛ فما الذي نخرج به من هذا الرأي لنلتقي بعبد القادر حمزة المترجم؟
نخرج من هذا الرأي بالنتائج الآتية:
أولاً - يرى الفقيد أن الترجمة تنقل الفكرة ولا تنقل الصياغة
ثانياً - إن الفكرة أشبه بالهيكل العظمي، وإن الصياغة أشبه باللحم والدم؛ فالترجمة ليست إلا تجريداً للنتاج من اللحم والدم
ثالثاً - إن الترجمة تتطلب فهماً للنتاج المنقول، والفهم يتطلب دراسة الزمن الذي قيل فيه هذا النتاج، والبيئة التي وجد فيها القائل، والعقلية التي أصدر عنها، والتقاليد والعادات والاعتقادات التي أثرت فيه فتأثر بها
رابعاً - إن الأدب لا يكون حياً إلا إذا امتزج بهذه العوامل وكان وحياً منها
وضع الفقيد هذه القوانين الأربعة أمامه حين هم بالنقل عن الأدب المصري القديم، ثم رأى فيها سبباً يجعل هذا النقل بمثابة تجريد للمنقول من هذه العناصر، أو من اللحم والدم. . . فلماذا إذاً أقدم على النقل، وهل نقل إلينا هياكل عظيمة تحقق النذير الذي أنذرنا به وخوفنا منه؟
كلا. . . وإنما أعطانا (بيانات وتعليقات) نقلنا بها إلى العصور التي قيل فيها ما عربه لنا؛ وتواضع فقال إن هذه البيانات والتعليقات هي على قدر ما في استطاعته وفي حدود دراسته
وشيء أجل قدراً قام به ولم يشر إليه، هو توفره قبل النقل على دراسة العقلية والعادات والتقاليد والاعتقادات التي كانت سائدة في تلك العصور، والتي سبق أن أشار إليها، ثم لم يدر مدى التوفيق الذي أحرزه، وخشي أن يكون هذا التوفر غير كاف، وهذا التعمق غير