يجد فائدة من كل هذا يتجه وجهة أخرى ليركب النيل إلى حيث الإله بتاح صاحب (الوجه الجميل) في ممفيس، ليتضرع إليه أن يهيئ له رؤية أخته. وقبل أن يشرع الفقيد في الترجمة يهيئ لك جوها ويعقد الصلة بينك وبين هذا المحب، ويعرفك أنه من أهل طيبة؛ فهو إذاً ركب النيل إلى ممفيس يكون (نازلاً) من مصر العليا، ويكون في نزوله سائراً مع التيار، وهذا أدعى إلى الإسراع، لأن السفن لم تكن تعتمد في ذلك الوقت إلا على الشراع أو المجذاف
وبعد أن يضنى الفقيد نفسه فيعقد أواصر هذه الصداقة بينك وبين ذلك الجو القديم، يمضي بك إلى سطور أخرى ينقلها إليك على هذا كله، لتقرأ منها قول الشاعر:
(سأركب النيل نازلاً مع التيار
(وسأمضي مسرعاً
(وباقة من الريحان على كتفي
(وسأصل إلى مدينة عنخ تاوى (أي ممفيس)
(وهناك أقول للإله بتاح رب العدل:
(هيئ لي أن أرى الليلة أختي!
(أن النهر لخمر
(وأن بتاح لَنَابه
(وأن سخمت (هي آلهة الانتقام أو الحرب) لبرديه
(وأن إنريت (معبود كان في سمنود الحالية) لبرعومه
(وأن نفرتوم (ابن الإله بتاح) لأزهاره
(وفتحت ذراعيها لي
(شعرت كأن أزكى روائح بلاد العرب تغمرني
(ثم إذا افترت شفتا أختي
(وأدنتهما مني وقبلتني
(فذلك لي هو السكر من غير مسكر)
هذا نموذج من أدق النماذج، لأن العقائد فيه خالطت العرف وتصاعدت روائحها إلى أنف