والذي يراجع كتب التفسير وكتب الأخبار يعجب للثروة الأدبية التي سايرت قَصَص القرآن، وهي ثروة لم تورث كلها عن عرب الجاهلية، وإنما ابتدعها فريق من الجاهليين وفريق من الإسلاميين، وهي في جملتها شاهد على براعة العرب في ابتداع الأسمار والأحاديث
ولو اهتمّ كاتب بتلفيق ما اخترع العرب من الأقاصيص المتصلة بالسور القرآنية لكان لنا من ذلك (إلياذة) عربية تفوق الإلياذة اليونانية، وتشهد بأن العرب لا يقلون عن اليونان في سعة التصور وقوة الخيال
فمتى يوجد ذلك الكتاب، ومتى نرجع لماضينا فنعرف ما كان فيه من تصاوير وتهاويل، ليضعف الوهم القائل بأن نصيب العرب من التخيّل قليل؟
محاربة الوثنية
ولكن ما الذي دعا العرب إلى وقف تلك الحركة الفنية، بحيث يُظَنَّ أنهم أقل الأمم عنايةً بزخرفة الأخبار المتصلة بالدين؟
يرجع ذلك إلى تأثرهم بالقرآن في محاربة الوثنية، وهذه الدعوة السليمة في جوهرها كانت السبب في صرف كثير من الأمم الإسلامية عن الزخارف الأدبية والفنية، لأن الزخرف الأدبي والفني لا يقوم إلا على التلوين والتزيين، وذلك ممنوع في نظر رجال الدين، لأنهم يرون الافتنان في زخرفة الأخبار الدينية أمراً لا يليق، فقد يسوق الناس إلى الوثنية من حيث لا يشعرون
الحصار الفني في الإسلام
ما معنى هذا التعبير الغريب؟
أنا مُقبل على عرض مسألة فنية كان لها تأثير في تضييق نطاق الدعوة الإسلامية، وما أحب أن يتهمني أحد بسوء النية، فلي غرض شريف أرجو به من الله الثواب
ماذا أريد أن أقول؟
أقول بصراحة إن الإصرار على تجريد المبادئ الإسلامية من الزخارف الفنية كان له تأثير في عرقلة الدعوة الإسلامية، لأن الذين حَّرموا التصوير وقاوموا الأساطير نسوا أن في