الدنيا ملايين لا تقاد لأية فكرة دينية إلا إن كانت موشَّاة بالزخرف والخيال!
ولهذا السبب ضاعت الفرصة في إسلام الأمة الروسية، حين فكرت في اعتناق إحدى الديانات السماوية، منذ بضع مئات السنين
ظلت روسيا على عقائدها الوثنية إلى ما بعد ظهور الإسلام بأزمان طوال، ثم بدا لها أن توازن بين المسجد والكنيسة، فها لها أن ترى المسجد محروما من البريق والرّواء، وراعها أن ترى الكنيسة تحفة من الفن المرصّع بغرائب الخيال
وسألت روسيا بعض علماء المسلمين عن قواعد الإسلام فكان أول ما سمعت هو القول بتحريم الخمر، مع أن نبيّ الإسلام لم يحرم الخمر إلا بتلطف واستدراج
وكذلك كانت غفلة الدعاة عن سياسة القول سبباً في منع الإسلام من دخول البلاد الروسية، كما كانت خشونة المساجد من أسباب الانصراف عن هذا الدين الحنيف
وأقول أيضاً: إن الحكمة في تجريد المساجد من الزخرف كان لها مكان في بداية الدعوة الإسلامية، فما مكانها اليوم ولم يبق أثر للخوف من رجعة الوثنية؟
يجب أن يكون لمساجدنا نصيب وافِ من الزخارف الفنية، ويجب أن تكون على جانب عظيم من الرونق والبهاء، ويجب أن نشعر بأن جمالها يذكّر بجمال الفردوس، لتكون الواحة التي نأنس إليها عند الفرار من هجير الشقاء في طلب المعاش
ما هذا الأزهر القفر الموحش؟
ألا تمتد إليه يد فتنقله من حال إلى أحوال؟
وما جامع عمرو في بلائه بالدنيا والزمان، وهو أول مسجد أقيم في هذه البلاد؟
وما هذه الخرائب المنثورة في الحواضر والدساكر على أنها مساجد؟
أفيقوا من غفلتكم، يا دعاة التقشف المدسوس على الدين، وتذكروا مرة واحدة أن تجميل المساجد من أبواب الاقتصاد، لأنه يغني الناس عن تبديد أموالهم في المشارب والقهوات، وبأي حق تكون بيوتكم أجمل من بيوت الله، إلا أن تكون نياتكم أقيمت فوق خرائب وأطلال؟
إلى معالي وزير الأوقاف
وهو اليوم رجل بارع الأدب، وافر الذوق، متين الدين، وكأنه صورة من محمد عبده أو