حدثني بهذا الأستاذ عبده حسن الزيات تأييداً لما كنت أقول من أن الفقر سبَبَهُ الخيانة لا الجهل. وهل يجهل أحد أوجه الضر والنفع حتى نقول إن الفقراء يُعذَرون لأنهم جهلاء؟ وهل كان جميع الأغنياء من المزوِّدين بعلم الاقتصاد وعلم تدبير المعاش؟
مازلت أذكر ضحكة الشيخ عبد الباقي سرور، رحمه الله، وقد تلقينا في جريدة الأفكار سنة ١٩١٩ شكاية للصيادين من إصرار الحكومة على تضييق عيون شباك الصيد!
كنا نظن عمل الحكومة تعسفاً في تعسف، ولم نكن ندري أن الثروة المصرية تحتاج إلى حرّاس أمناء، ولو كانت مصادر تلك الثروة في أعماق البحيرات
واستطرد الأستاذ عبده حسن الزيات فقال: حضر أحد النواب المقربين إلى سعادة الأستاذ الجليل محمود فهمي النقراشي باشا ومعه وفد من الصيادين المطالبين بتضييق عيون الشباك، وكان النقراشي باشا يومئذ وزير الداخلية، فغضب وقال:(ألا يعرف حضرة النائب المحترم أن هؤلاء الصيادين يريدون أن نعينهم على قطع ما منّ الله به عليهم من مصادر الرزق؟ إن منفعة الصياد في أن تكبر الأسماك، ليبيع بالواحدة لا بالقُفة، وليصبح الصيد من أنواع الفروسية، فما موجب الجشع في تضييق عيون الشباك)
مصر أمة بحرية، ومع ذلك لا توجد عند أهلها النزعة البحرية في الأدب والبيان، إذا استثنينا القصائد والرسائل التي أوحتها الشواطئ منذ أعوام قِلال
أفلا يكون من أسباب انعدام الأدب البحري عند أهل مصر حرمانهم من السمك الجيد في النيل والبحرين والبحيرات؟
بأي حق يجوز أن يقضي المصري سنة بدون أن يرى وفرة الأسماك في الأسواق؟ أليس ذلك برهاناً على أننا لا نجيد الصيانة لثروتنا الأهلية؟
كانت أسماك مصر حديث القدماء من المؤرخين فأين هي اليوم؟
إن أبناء مصر أبادوا التماسيح من مياه النيل، فكيف يبقون على الأسماك؟!
بلد أحمد أمين
جاء في (المنصورة) - وهي المجلة التي تصدرها مدرسة المنصورة الثانوية - أن الأستاذ أحمد أمين منصوريُّ المنبت، وأقول إن الأستاذ أحمد أمين نفسه حدثني أن آباءه من المنوفية، وإن تحلى بالتواضع فلم يدّع أنه من سنتريس