وقعت غارتان على الإسكندرية في ليلة واحدة، ومع ذلك لم يُصب غير بضعة أشخاص، فكيف وقعت هذه المعجزة بعد انقضاء عهد المعجزات؟
يرجع السبب إلى أن الغارتين وقعتا في أحياء هجرها أهلوها فراراً من شراسة الخطوب، فما أقسى الدهر الذي يحكم بأن يرى أهل الإسكندرية أن الحياة أفضل من الموت؟
لو كان بيننا وبين الألمان حرب، لكان من المستحيل أن يترك أهل الإسكندرية بلدهم الجميل قبل أن يجعلوه مقابر للباغين والمعتدين، ولكن الظروف الدميمة قضت بأن يعيش الإسكندريون مجردين من السلاح، وما أشقى من يعيش بلا سلاح في أيام لا يأتمر أهلها بغير البغي والعدوان!
هل تنتفع مصر بهذا الدرس؟ ومتى؟ وكيف؟
إن بلاء مصر بزعمائها سيطول، ويطول، ويطول، فمتى يَعقِلون؟
يوم البعث
وأنا مع هذا لا أيأس، ولن أيأس ما دام دم الفتوّة المصرية والفتوة العربية والفتوة الإسلامية، يجري في عروق الفتيان من أهل مصر والشرق
يجب أن نفهم جيداً أن القوات الأوربية صائرة إلى الفناء، لأنها تجاوزت حدود الله، ولأنها تستبيح قتل الأبرياء، ليتم لها ما تريد من إعزاز شرائع الشياطين
(ألمانيا فوق الجميع)!
ذلك مطلع النشيد الألماني، وهو نذير بما سيصير إليه الألمان، فما تغطرست أمة إلا ابتلاها الله بالذل وسلَّط عليها الضعفاء
اعتقد فراعين مصر أنهم سلالة الشمس وأبناء السماء، فأدال الله منهم وعرَّض أحفادهم وأسباطهم لعوادي الاستعمار والاحتلال.
واعتقد الرومان أنهم سادة الناس، فأباد ملكهم بلا إمهال.
واعتقد العرب أن أُرومتهم أشرف من جميع الأرومات، فكتب الله عليهم التخلف، وجعل