أن مراقبة الثقافة العامة لن يكون لها وجود ملحوظ إلا إذا أُسندت بطائفة من المطبوعات الجياد، وأشرت عليه بأن يسارع فيقتني لمراقبة الثقافة ذخيرة من ورق الطبع قبل أن يرتفع ثمنه وقبل أن ينفد من الأسواق
وهو اليوم يترك مراقبة الثقافة العامة بلا أثر ظاهر يذكره الناس، فإن رجع إليها فليغير من مسلكه في تناول الأشياء، فقد كان يفهم أن الاقتراحات والفروض هي كل شيء في الدلالة على مواهب الرجال
والأمل كبير في أن يرجع الدكتور طه لعمله بوزارة المعارف وأن يتدارك ما فاته من تحقيق المشروعات الجدية في الترجمة والتأليف، فظهور كتاب أو كتابين أنفع من ألف اقتراح واقتراح؟
النزعة الكلبية
يلقاك بعض المعارف في الطريق فيسألك عن وجهتك، ولا يستريح إلا حين يعرف أين تريد وماذا تريد، كأنه من الأوصياء عليك!
ويدخل أحد الأصدقاء بيتك فيبالغ في التعرف إلى ما فيه من حجرات وغرفات، ولا يهدأ إلا بعد أن يعرف من دخائل بيتك كل شيء، كأنه مسئول أمام بعض الجهات عن تقديم تقرير مفصَّل عن حياتك المنزلية!!
ويرى بعض الناس أن من حقه أن يعرف مرتبك بالقرش والمليم، وأن يعرف كيف تنفق ذلك المرتب، وماذا تدّخر من بواقيه الطفيفة، ولأي غرض تدّخر ما ادخرت!!
ومن الأصدقاء من يسأل عن أثاث بيتك ليعرف الأثمان، ثم يناقشك في الجزئيات كأنه ابن نجّار أو حدّاد أو سمسار، والعياذ بالأدب والذوق!
ومنهم من يسألك عن أملاكك في الريف ليعرف ما تملك من قراريط أو فدادين، وكأنه (خاطبة) ستجلب خاطباً لأختك أو ابنتك!
وفي هؤلاء من يسألك عن الربح الذي تجنيه من مقالاتك ومؤلفاتك. وفيهم من يسألك عن أثمان أثوابك ونعالك، كأنه ابن بزاَّز أو حذَّاء!!
فكيف تقع هذه المزعجات من بعض الناس وأكثرهم على شيء من الذكاء؟
الجواب سهل، وهو أن في بعض الناس نزعة كلبية، والكلب حين يدخل بيتاً لا يترك فيه