عهدتُك لا يخيفك ما يُخيفُ ... فهل يحظَى برؤيتك المصيفُ
وأقول: إني لا أملك الصدوف عن هوى الإسكندرية، وسألقاكم بها في هذا الصيف، ولو بَغَى العدو واستطال، فأنا لم أشبع من الإسكندرية أيام الأمن، وهي أقل طيباً من أيام الخوف
ثم يقول النشار: علمت أنك نقلت كتبك إلى سنتريس، فأنت الجدير إذن برثاء مكتبة الإسكندرية الثالثة، فهل تجيز:
لا تذكر اليوم (يوليوساً) ولا (عُمَرا) ... عِلمُ القرون الخوالي مر واندثرا
وانظر لمكتبة الثغر التي صُعقت ... فلا كتاباً ترى فيها ولا حجرا
وأقول: إني لم أكن أعرف أن مكتبة الإسكندرية أصابتها الغارات الأخيرة، فإن كان ذلك فمن حقي أن أسجل أن أعداء الإسكندرية يعرفون في كل عصر أن ثروتها الصحيحة في تراث الأفكار والعقول، فهم يجعلون (المكتبة) أعظم الأهداف وما شأن (عمر) في هذه القضية، وقد قامت البراهين على أن اتهامه بإحراق مكتبة الإسكندرية لم يكن إلا إشاعة روجها أعداء العرب والمسلمين؟
بريد العراق
تلقيت اليوم رسالة من العراق، ونظرت في التاريخ فرأيتها قطعت الطريق في شهرين وثلاثة أيام، فمتى يرجع العهد الذي كان يسمح بأن يصل بريد العراق في أقل من يومين؟
كان بريد العراق كله جوياً وبخمسة عشر مليما، فمتى يعود ذلك العهد؟ متى يعود؟
وكان محصول المجلات المصرية حديث الناس في جميع الأندية العراقية، فأين حديثهم اليوم وقد جدت خطوب تبلبل الأرواح والقلوب؟
ليتني أعرف ما صار إليه أصدقائي في تلك البلاد. فما أظلمَ ليلٌ ولا أشرق صباح إلا وأنا بأخبارهم مشغول. وهل كانت لوعة الشريف الرضي أقسى من لوعتي حيث قال:
ومن حَذَرٍ لا أسأل الركب عنكمُ ... وأعلاقُ وجدي باقياتٌ كما هيا
ومن يسأل الركبان عن كل غائبٍ ... فلا يدّ أن يَلقَى بشيراً وناعيا
فهل يتفضل أصدقائي هناك فيعفوني من كرب هذا السؤال؟
أجيبوا، يا أصدقائي، أجيبوا، فلي عليكم لهفة لا يطفئها غير اليقين بأنكم في سلام وأمان