سخافات؛ ومن أبدع ما رأيت صورة نشرتها مجلة (الشعلة) لميزان يحمله رجل معصوب العينين باسم (الرأي العام)، وقد رجحت كفة الوفديين على السعديين، فابتهج النحاس باشا وقال: مارأيك يا ماهر باشا؟.
فأجاب الدكتور ماهر: وما قيمة هذا الميزان وحامله رجلٌ من حزبك؟!.
وإذا كان الرأي العام من حزب الوفد فقد انحل الإشكال!.
في مصر اليوم أدبٌ سياسيّ، فأين من يقيِّد الأوابد من ذلك الأدب الطريف؟.
جناية الكتابة على الشعر والخطابة
هي سجعة ذكرتني بالحوار المعروف:
- أجمل السجع، ما خف على السمع.
- مثل ماذا؟.
- مثل هذا!.
ولكن كيف تجني الكتابة، على الشعر والخطابة؟.
تأمل هذا التمهيد:
إذا كان عند أحد جيرانك طفل أخرس فلا تسمح لأطفالك بأن يلعبوا مع ذلك الطفل، لأن طريقته في التفاهم ستروضهم على التعبير بالإشارات، وعندئذ يقل فيهم الشوق إلى التعبير بالكلام، فيحرمون أفضل النطق وهو أظهر الخصائص الإنسانية.
وإذا رأيت الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني يطيل القول في انصرافه عن قرض الشعر فلا تصدق أنه حرم الشاعرية، وإنما يرجع زهده في الشعر إلى أنه أكثر من التعبير عن أغراضه بالإشارة، ففترت رغبته في التعبير بالقصيد، والمواهب يجني بعضها على بعض.
وأقوى البراهين عندي على أن الشريف الرضي ليس المنشئ لكتاب (نهج البلاغة) هو إمعان الشريف في التعبير عن أغراضه بالشعر، فديوانه من حيث الكم يزيد عن ديوان المتنبي بألوف من الأبيات الجياد، وما أثر من الرسائل النثرية للشريف لا يشهد بأنه كان يشتهي التعبير عن ذات نفسه بالإنشاء.
وكما تجني الكتابة على الشاعر تجني على الخطيب: لأن أعظم أسباب الإجادة في احد هذه