للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اليقين. . .

أمثلة للتطبيق

وإليك الآن بعض الأمثلة التي تحقق لك (التطبيق المتواضع) الذي وعدت به:

أراد أن يخلص ذهن قرائه مما علق بها أيام الدراسة من خرافات اختلقها المؤرخون الأجانب فاعترفنا بها كحقائق وحشونا بها البرامج فذكر قارئه بادئ ذي بدء بأن الكتابات التي تركها لنا الكتاب اليونانيون والرومانيون كانت الرجع الوحيد لمعرفة مصر القديمة منذ ضاع سر اللغة المصرية إلى أن كشفه شامبوليون الشاب أي مدى أربعة عشر قرناً؛ وهؤلاء الكتاب الذين زاروا مصر وكتبوا عنها في ما بين القرن الرابع قبل الميلاد والقرن الثاني بعد الميلاد شحنوا كتاباتهم بأشياء لم يفهموها فألبسوها لباس الغرابة والخرافة، مثلهم في ذلك كمثل الذين يزورون مصر الآن من الأجانب فيدعون عليها دعاوي لا وجود لها لأنهم لم يفهموا ما شاهدوه، أو لأنهم يريدون أن يثيروا دهشة قرائهم بما يقعونه من المبالغات.

وهذا كلام يفهمه القارئ الحديث الذي كان يرى الشركات الأمريكية والأوربية تجيء إلى مصر قبل الحرب فلا تلتقط لأفلامها غير صور الطبقات في حي (زينهم) و (عشش الترجمان) بل تستأجر من الدهماء فقراء يطلب إليهم التزني بالطراطير وما إليها لتوهم الشركات شعوب الغرب بأن مصر لاتزال تتخبط في مثل هذه الأزياء.

يفهم القارئ الحديث هذا النحو من المنطق فهل قنع عبد القادر حمزة بهذا التدليل وترك المؤرخ أو المحقق يطالبه بالدليل؟ كلا. وإنما تناول أقوال شيخ أولئك الكتاب والمؤرخين - هيرودوت - ونقلها بأمانة، ثم دلل على فسادها. وحسبك منها أن أذكر لك بعضها في سطور:

أبان لك المؤلف أن هيرودوت نقل عن موظف مصري في معبد (المعبودة نيت) في ما الحجز أن النيل يولد بين (سيين) و (ابلفنتين) - وهذه كانت تجاور أسوان - وأن شطراً من مائه يجري إلى مصر والشطر الآخر إلى النوبة، وأن هذا الزعم كان يعقده المصريون، ثم دلل عبد القادر على أن هذا القول ليس سوى خرافة ما كانت تستحق أن يثبتها هيرودوت في كتابه بعد أن قال هو نفسه: (إنه يميل إلى الظن بأن ذلك الموظف الذي نقل

<<  <  ج:
ص:  >  >>