أن تساهم في النصيب العربي الخالد، وأن ترد المنهل الكبير منه، وأن تشاطر في المثل السامي الذي اتخذته العروبة لها نبراساً تستضيء به معالمها الشعرية.
وليس من الصعب على نفس شاعرة بطبيعتها ألا تهتدي إلى ينابيعه العذبة، ولكن من الصعب علينا نحن أن نتبين تاريخ الدور الذي جنحت إليه نفس شاعرنا بالضبط، لأن ديوانه قد خلا من إثبات أشعاره وهو في دور العقد الثاني وأوائل العقد الثالث؛ وكل ما نعرفه عن مقدرته الشعرية في هذا الدور تلك الأرجوزة التي نظمها في علم الفرائض، وضمنها كل ما يحتويه الفن إجابة لاقتراح أحد مشائخه عليه، والتي يقول في مطلعها:
لله حمدي وارث الأرض المتين ... ومن عليها وهو خير الوارثين
وفي ختامها يقول:
فاصفح وأصلح ما بها من الغلط ... فقد أتى: من ذا الذي ما ساء قط
وعذر من لم يبلغ العشرينا ... يقبل عند الناس اجمعينا
أو قصيدته التي امتدح بها شريف مكة الشريف عبد الله باشا ابن عون الحسيني وعمره إذ ذاك ٢٤ سنة، قال:
حي الحيا حياً به حلت سُعا ... ومنازلاً خطرت بهن وأربعا
وهمت على الوادي الذي سكنت به ... ديم تغادره أنيقاً ممرءا
وسقى العهاد معاهداً بسفوحها ... تختال جارات الصفا والمدعى
ديم أو انس صيدهن محرم ... ليظلْن في تلك المحاجر رتَّعا
سود الذوائب والجلابب والعيون ... القاتلات متيما ومولعا
من كل غانية بلطف حديثها ... ودلالها تذر الفؤادْ مقطعا
يا ظبية البطحاء مهلاً إنني ... بهواك ذو كلف سقيما موجعا
هل تسعفين فداً لحسنك مهجتي ... بالوصل ذا شغف يفيض الأدمعا
واقضي لبانته لديك وزحزحي ... عن وجهك الحسن الصبيح البرقعا
حاشا لحسنك أن يكون محرماً ... ولمثل وصلك أن يكون ممنعا
تيهي فإنك في الحسان مليكة ... يأتين نحو حماك شعثاً خضعا
وتمايلي بحلي محاسنك التي ... لم تتركي لسواك فيها مطعما