بالنسبة لدور الأرشيف في أوربا، وبعد ذلك العهد تصبح الخطوط واضحة مقروءة. والخط العربي مثلاً كتب بأشكال مختلفة، فمنه: الطومار والنسخي والرقعة، وقراءتها تحتاج إلى تعلم وتمرين؛ ولقد وضع بعض القدماء والمحدثين في الشرق والغرب بحوثاً في قراءة الخطوط العربية. وفي الشرق الأدنى العثماني كتبت الوثائق التركية بعدة خطوط مثل الخط الديواني وخط القيرمة، وقراءتهما تحتاج إلى تعليم خاص. ومجموعات وثائق دار المحفوظات المصرية بالقلعة تحتوي آلاف الوثائق عن تاريخ مصر المالي والإداري في العهد العثماني وفي عهد محمد علي وخلفائه. وكلها مكتوب باللغة التركية وبخط القيرمة؛ وكذلك توجد مجموعات من الوثائق بهذا الخط في سورية وتركيا. وستظل معلوماتنا عن هذه القرون الطويلة قاصرة وناقصة وقابلة للتعديل حتى يتعلم الباحثون قراءة خط القيرمة، ويتمكنوا من دراسة هذه الكنوز التاريخية على مدى عدة أجيال
ويتصل بدراسة الخطوط علم الدبلومات فيتعلم الباحث لغة ومصطلحات وثائق العصر الذي يدرسه، وأنواع الورق والحبر الخاص بها، لكي يستطيع أن يعرف صحة الوثيقة أو بطلانها. ويلزم الباحث أن يعرف بعض نواحي علم الكيمياء لكي يستعين بذلك على فحص هذه الوثائق بنفسه إذا اقتضى آلام؛ ثم يأتي علم النومات أي علم النقود والمسكوكات. فالعملة والأنواط التي تحمل صور الملوك أو ذكرى حوادث تاريخية معينة، عليها سنو ضربها تفيد في دراسة التاريخ، فنعرف منها حقائق عن حكم الملوك وعن مدى انتشار التجارة وعن تاريخ الفنون
والجغرافيا من العلوم المساعدة الضرورية لدراسة وكتابة التاريخ؛ والارتباط وثيق بين التاريخ والجغرافيا. فالأرض هي المسرح الذي حدثت عليه وقائع التاريخ، والظواهر الجغرافية المختلفة لها أكبر الأثر في الإنسان والتاريخ. فالسهول والجبال والصحاري والوديان والأنهار والبحار والمناخ وأنواع الرياح والثروة الطبيعية والموقع الجغرافي تؤثر كلها على تكوين الإنسان وعلى نوع حياته وعلى نوع الحضارة وعلى حوادث التاريخ. فلدرس تاريخ مصر مثلاً لابد من معرفة أثر ظروفها الجغرافية في التاريخ المصري. فموقع مصر بين الشرق والغرب قد جعلها تجمع ثروة طائلة لمرور التجارة العالمية بأراضيها في العصور الوسطى؛ وموقعها الجغرافي جعلها تقف أمام أوربا أثناء الحروب