الصليبية. وظروف الجزر البريطانية الجغرافية قد منعت أوربا عن التدخل في شؤونها. وفي الوقت نفسه جعلتها تسيطر على البحار وتتدخل في الشؤون الأوربية في أوقات مختلفة. وأحيانا تتدخل العوامل الجغرافية تدخلاً حاسماً في تغيير مجرى التاريخ. فالعواصف والأنواء قد ساعدت الأسطول الإنجليزي على التغلب على الأرمادا الإسبانية في ١٥٨٨. وشتاء الروسيا كان من العوامل التي أدت إلى فشل حملة نابليون في ١٨١٢. فلابد من الإحاطة بكل هذه الظروف لفهم التاريخ. والتاريخ والجغرافيا متلازمان ولا يمكن استغناء الواحد منهما عن الآخر
والأدب من العلوم المساعدة لفهم وكتابة التاريخ. فدراسة الأدب بصفة عامة توسع عقل الإنسان وتجعله أقدر على الفهم. ولابد للراغب في كتابة التاريخ من أن يتذوق الشعر لكي يفهم ملكة الخلق والابتكار. ويلزمه أن يقرأ القصص الأدبي لكي يتعلم فن عرض الموضوع وإبراز الحوادث المهمة وبحث الشخصيات، ووضع التفاصيل في المكان الملائم وإثارة انتباه القارئ، ويحسن أيضاً دراسة بعض كتب النقد الأدبي لأن هذا يساعد على نقد التاريخ. ودراسة الآثار العقلية لأمة ما أمر ضروري جداً لفهم تاريخ هذه الأمة. فمعرفة الأدب اليوناني ضرورية لكتابة تاريخ اليونان؛ والإلمام بالأدب الإيطالي لازم لكتابة تاريخ إيطاليا؛ ودرس الأدب الإنجليزي مهم لفهم تاريخ إنجلترا
ويتصل بدراسة الأدب الفنون المرتبطة بالشعب أو بالعصر الذي يرغب الباحث الكتابة عنه، مثل فنون النحت والتصوير والعمارة والموسيقى. فمن يرغب في دراسة تاريخ اليونان القديم لابد له من أن يدرس تطور الفن اليوناني القديم. ومن يرغب الكتابة عن تاريخ النهضة في إيطاليا يلزمه أن يدرس تطور الفن الإيطالي في عصر النهضة. ويمكن جمع ثقافة فنية عامة بدراسة الصور والرسوم في بعض المؤلفات العامة. ويا حبذا لو أمكن الباحث أن يدرس أهم آثار الفن اليوناني أو الإيطالي في متاحف اليونان وإيطاليا، ويعيش بعض الزمن في ذلك الجو الفني الخالص بين روائع فنون التصوير والنحت والموسيقى. ولا ريب فان الفنون خلاصة العواطف الإنسانية، تعبر أصدق تعبير عن روح العصر، والتأثر بها يجعل الباحث أقدر على فهم التاريخ وكتابته
ومن المسائل الأساسية لمن يرغب في كتابة التاريخ أن يعلم ما عرفه العالم عن التاريخ