أو أضيف أليه. وأحيانا كنت اتصل بالسلطات العليا، وكان من دواعي غبطتي أن اعد بين أصدقائي في هذه المدينة بعض رجال بلغوا شأواً بعيداً في المعارف الشرقية
وربما يفيد القارئ أن اعرفه بأحد معلمي اللذين أشرت أليهما أنفا، وان أبين له في الوقت نفسه كيف كان كغيره من مواطنيه ينظر ألي: ذلك هو الشيخ احمد (أو السيد احمد، لأنه من طبقة (الأشراف) الكثيرة العدد: أي من سلالة النبي) وكانت سنه تربى على الأربعين باعترافه، ولكن يبدو عليه أنه يناهز الخمسين. وكانت سحنته وخليقته تستحقان الذكر: كان ربعة إلى القصر، وكان أصهب اللحية قد وشعها لمشيب. ويظهر أن العور قد أصابه منذ سنوات عديدة. وهو يكحل عينيه في المناسبات الخاصة ولا سيما في عيدي الفطر والأضحى. والكحل قلما يستعمله غير النساء. وهو لا يفتخر بانتمائه إلى الرسول فحسب، بل يتمدح كذلك بانتسابه إلى الولي المشهور الشعراوي. وبشرته الصافية تؤيد ادعاءه أن أجداده عاشوا منذ أجيال في مناطق أفريقيا الشمالية الغربية. وكان يعيش على ميراث قليل مع اتجاره في الكتب. وكان يزورني كل ليلة تقريباً لينتفع من مهنته من ناحية، وليجتمع بي، أو ليتحدث ألي للتدخين وشرب القهوة من ناحية أخرى
وكان قبل احترافه تجارة الكتب وراثةً عن أبيه، قد قضى بضع سنوات لم يحترف فيها غير الذكر في الحفلات الصوفية. والذكر عبارة عن جماعة يقفون مترنحين يرددون اسم الله وصفاته الخ. وهو لا يزال إلى اليوم يقوم بهذا العمل. وكان حينئذ درويشاً في الطريقة السعدية، وأهل هذه الطريقة معروفون على الأخص بأكل الثعابين الحية. ويقال انه كان واحداً من آكلي الثعابين، ولكنه لم يقصر نفسه على أكل يهضم بمثل هذه السهولة. ففي ذات ليلة بينما كان فريق من أهل طريقته في حفل حضره شيخهم، اعترت صديقي جذبة، فخطف زجاجة طويلة كانت تحيط بقنديل موضوع على الأرض واكل جزءاً كبيرا منها. . . فدهش الشيخ والدراويش الآخرون، نعوا عليه خروجه على نظم الطريقة، لان أكل الزجاج لم يكن من الكرامات التي كان يسمح لهم بأظهرها. ثم طردوه في الحال، فدخل في الطريقة الأحمدية. ولما كان أهل هذه الطريقة هم أيضاً لا يأكلون الزجاج، فقد عزم على ألا يعود إلى فعلته مرة أخرى. . . غير انه بعد ذلك بقليل أخذته هذه الجذبة في اجتماع بعض الأخوان من أهل الطريقة وفي حضرة كثير من رجال الطريقة السعدية، فوثب على