للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شمعدان وقبض على مصباح من مصابيحه الزجاجية الصغيرة، فابتلع نصفه وشرب ما فيه من الزيت والماء. فقادوه إلى شيخه ليعزره على هذا التعدي، ولكنه اقسم ألا يعود إلى أكل الزجاج أبداً، فعفا عنه وأبقاه في الطريقة. وعلى الرغم من حلفه اليمين لم يلبث أن عاد إلى ديدنه من أكل الزجاج. وقد حاول أحد الحاضرين من الأخوان أن يقلده فنشبت قطعة كبيرة من الزجاج بين لسانه وسقف حلقه، وقد شق على صديقي أحمد استخراجها. فأعيد ثانية إلى شيخه، ولما لامه على الحنث بقسمه والرجوع في توبته أجاب بهدوء: أتوب مرة أخرى. وما أحسن التوبة، لان الله قال في كتابه العزيز: (إن الله يحب التوابين) فصاح الشيخ مغتاظاً: أتجرؤ على هذا التصرف ثم تستشهد بالقرآن أمامي؟) ثم أمر بعد هذا التوبيخ أن يسجن عشرة أيام. ثم طلب منه القسم مرة أخرى على أن يمتنع عن أكل الزجاج وبهذا سمح له بالبقاء في الطريقة الاحمدية؛ وقد حرص على أن يبر بقسمه هذه المرة

وقد قص على هذه الوقائع من كان مكلفا بمراقبته من الأخوان ثم اعترف لي هو بعد ذلك بحقيقتها

وقد عرفت الشيخ أحمد قانعاً بزوجة واحدة من زمن طويل؛ إلا أنه سمح لنفسه الآن بزوجة أخرى استمرت تعيش في منزل أهلها. ومع ذلك فقد أهتم بأن يؤكد لي أنه ليس من الغنى بحيث يرفض الكسوة السنوية التي أهديها إليه. وفي زيارتي الثانية لمنزله أثناء إقامتي الحالية في هذا المكان حضرت أمه لدى باب الغرفة التي كنت جالساً فيها معه، تشكو إليّ سوء عمله باتخاذه زوجة جديدة. وكانت تشير بيديها من خلال الباب بالحركة اللائقة ليكون لكلامها تأثير؛ أو لعلها كانت تريد أن تظهر جمال راحة اليد وأطراف البنان المخضوبة بالحناء الرطبة. إلا أنها كانت تستر شخصها، فأخذت تناشد شعوري بقوة وتقول:

(يا أفندي! إني أضع نفسي تحت رحمتك! أقبل قدميك! لا أمل عندي إلا في الله وفيك)

فقلت لها: (ما هذا الكلام يا سيدتي؟ أي مصيبة أصابتك؟ وماذا أستطيع أن أصنع لك؟ أخبريني)

فاستمرت تقول: ابني هذا، ابني احمد، شخص لا قيمة له. له زوجة طيبة، عاش معها سعيداً على بركة الله ستة عشر عاماً. وهاهو الآن يهملها ويهملني ويتخذ زوجة أخرى

<<  <  ج:
ص:  >  >>