وأخذت التربية الحديثة تواجه هذه الميول وتتعهد هذه الخصائص، فتوجهها إلى النواحي الاجتماعية والأعمال الإنسانية التي قد يقوم بها المرء في المستقبل
يقول (فرويل): (ليس للمشرف على الوليد إلا أن يوجه تصرفاته، منذ نعومة أظفاره، في الوقت الذي يرتع ويلعب بين ألاعيبه الكثيرة، إلى معرفة خصائصها، وأن يظهر له أثرها في نفسيته وخلقه) وهي إلى ذلك تمتاز بأنها العامل الأقوى في نموه العقلي والجسدي
فالأبحاث التي قام بها العلامة الفرنسي أكدت لنا أن هنالك اتصالاً وثيقاً بين النمو الجسدي والنمو العقلي، أو بالأحرى بين صحة الجسم ونزوة العقل ووثبة الفكر. لذلك نرى أن الألعاب التي يتهالك عليها الطفل، في بدء حياته، والتي يختلف إليها بين آونة وأخرى تساعده على هذا النمو الذي أشار إليه (بينه) والذي يلازمه طول حياته الأولى؛ فالاعتناء بالألعاب هو وسيلة لتحسين العقل والجسم معاً
يحتاج الوليد، في الواقع، إلى كثير من اللعب، فالقوانين المدرسية التي تحتم عليه الصمت والجمود، لا تتلاءم مع حياته، وما يتطلبه من حرية، وما ينشده من استقلال. لذلك أدرك (فرويل) أن المعهد ليس هو البيئة الخاصة التي تلائم الوليد، لأنها تقيد حريته وتفقده حيوية وتخمد نشاطه. وهذا ما حداه إلى إنشاء روضات الأطفال يلعبون ويغنون ويرقصون في جو حر طليق يتعهدهم كما يتعهد البستاني نبات روضته
فالنظم المدرسية الحديثة حتمت على المربين تعهد الأطفال تعهداً كلياً، وإغراءهم على اللعب بالألاعيب وبشتى الوسائل، وترغيبهم فيها بمختلف العوامل، مما حداهم إلى وضع مقادير وفيرة من الألاعيب الجميلة بين أيديهم، يختلفون إليها برغبة وشوق، ويتصرفون بها بحرية تامة. والطفل لن يكون طفلاً إذا لم يفزع بين حين وآخر إلى اللعب لأن طبيعته تقتضي ذلك
وقد يثير منظر هذه الألعاب فضول الطفل، فيدفعه إلى تفهم أسرارها والوقوف على دقائقها، وما يحيط بها من إبهام وغموض، فيتفتح عقله على آفاق جديدة، وتنكشف نفسه على أجواء ظريفة، ويتقوى جسمه وتتصلب أعضائه، فينعم بالعقل النير، ويتمتع بالجسم القوي، ويتزود بالمعرفة الواسعة
لذا وجب على المربي أن يُذْكي غريزة اللعب في نفس الولد، ويستحث رغباته، ويلهب