ملك فرنسا فيليب الرابع أملاكها وأموالها بعد أن تقاسمها مع البابا. أما رغبة تأليف حملة صليبية جديدة فلم يلتفت إليها حينئذ سوى بطرس الأول ملك قبرص الذي كان يحكم في أواسط القرن الرابع عشر؛ فلقد أنشأ جمعية دعاها جمعية السيف وغايتها تخليص القدس، ثم أرسل وفداً إلى غربي أوربا قام بالتبشير والدعاية لتأليف حملة صليبية جديدة فلم ينجح، فأرسل بطرس أسطولاً اعتدى على شطوط سوريا ومصر وعاد للجزيرة غانماً. وحين مات بطرس هذا أوصى بوجوب متابعة الدعاية لحملة صليبية. اعتباراً من سنة ١٢٣٠ ارتدت الحركة الصليبية حلة جديدة لم تعرف من قبل، فبينما كان الصليبيون حتى الآن يهاجمون كلما سنحت الظروف بلاد الإسلام في الشرق وأهمها سوريا ومصر، وانقلبوا الآن إلى مدافعين، وأضحى خصمهم الأتراك العثمانيين بدل العرب والأكراد والأتراك من سلاجقة ومماليك. . .
لقد جاء الأتراك العثمانيون إلى أوربا الشرقية سنة ١٣٠٨م بعد أن أنشئوا ملكا واسعاً لهم في آسيا الصغرى في فجر القرن الرابع عشر وبنوا مجدهم وسطوتهم الحربية بجيش مدرب ومجهز أحسن تجهيز دعوه بجيش الإنكشارية (الينيشرية) وعناها الجيش الجديد، فأخذوا يهاجمون به البيزنطيين ويتغلبون عليهم، ويدمرون لهم الحصن بعد الحصن، ويقهرون الجيش تلو الجيش، حتى باتوا على مقربة من عاصمتهم. هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى هاجموا فرسان الاسبتالية في رودس وآل لوزينيان في قبرص؛ فذعر العالم المسيحي لهذا الخطر الإسلامي الجديد، وهب البابوات ينفضون عنهم غبار الخمول والمسكنة؛ ويحاولون تجديد جبهة صليبية قوية تقف في وجه أولئك الأتراك الأقوياء، وظلوا يثابرون على حشد الجهود تلو الجهود، وأخذ الناس بالنعرة الدينية إلى أن وصلوا فعلاً إلى تأليف حملة قوية البنادقة والقبارصة وفرسان الاسبتالية وكلهم باتوا مهددين؛ فجاءوا بأسطولهم المتحد وامتلكوا مرفأ أزمير سنة ١٣٤٤؛ إلا أن هذا الظفر لم يكن ليؤثر في نشاط الأتراك وتقدمهم فلقد واصلوا نجاحهم في البلقان وامتلكوا مدينة فيليبية البلغارية؛ وعلى أثر ذلك جاءت حملة صليبية واشتبكت مع جيش السلطان بايزيد الأول فانكسرت شر كسرة
وفي سنة ١٤٣٩ تألفت حملة صليبية أخرى من المجريين والبولونيين تحت رياسة قائد