ترانسيلواني ممتاز يدعى يوحنا هنياد وحاربت السلطان بايزيد الثاني وتغلبت عليه؛ إلا أنها لم تلبث أن غلبت على أمرها، فكانت هذه آخر حملة جردتها أوربا المسيحية على الأتراك المسلمين.
وفي سنة ١٤٥٣ ملك الأتراك مدينة القسطنطينية، وبامتلاكها قضوا نهائياً على الإمبراطورية البيزنطينية. وعلى أثر ذلك قام البابا بيوس الثاني ونشر داية واسعة النطاق لحملة صليبية وقاد طائفة من المحاربين نداءه إلى مدينة أنكونا الطليانية، وكان يريد أن يزحف بها على البلقان ليقاتل الأتراك؛ إلا أن أفراد الحملة انفضوا من حوله فحزن البابا لتلك النهاية ومات متأثراً غاضباً.
وبعد ذلك لم نسمع بحملات تحمل اسم الصليبية وانتقلت مهمة منازلة الأتراك المسلمين إلى مُلوك أوربا الحديثة وإلى جيوشها المنظمة
وقبل الانتهاء من هذا الفصل لابد لنا من القول بأن الحركة الديموقراطية قد أثَّرت كثيراً في عقول الناس وفي طريقة التفكير الأوربي بالمسلمين؛ فبينما كان هم الباباوات وسائر رجال الدين ومن ورائهم الملوك والأمراء والفرسان والعامة خلالالقرون الوسطى هو القضاء التام على الديانة الإسلامية وامتلاك بلاد المسلمين أخذت الأحوال تتبدل منذ عهد اليقظة إلى أن حل القرن الثامن عشر، فظهر فيه حكماء وفلاسفة بشروا بحرية الأديان وبمبادئ التسامح والتساهل وظلوا في تبشيرهم حتى أثروا في عقول فريق ليس بقليل من الناس المثقفين، فصاروا ينظرون إلى الشرقيين لا بمنظار للتعصب الذميم والحقد الكامن بل بصفتهم أحد أركان هذه الهيأة البشرية التي ساهمت في إقامة صروح المدنية على ممر الأجيال والعصور
ومبادئ التساهل هذه قد انتشرت انتشاراً واسعاً خلال القرنين التاسع عشر والعشرين فاقترب بسببها الشرقي من الغربي أكثر من قبل، ولعبت المصالح المادية الدور الأول في إقامة العلاقات الودية بين الطرفين، وصار الغربي يتودد في كثير من الأحيان إلى الشرقي دون أن ينظر إلى دينه، ويخلص في تودده؛ على أن هذا لا يمنعنا من التنبيه إلى ما يكتبه بعض المؤرخين المغرضين وهم مازالوا يحرصون كل الحرص على مبادئ التعصب والحقد التي سادت دنياهم منذ العصور الوسطى المظلمة، وقد تجد من هؤلاء من ينفث