للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سمومه في صحف ومجلات محترمة أوربية وأميركية وتراه يحمل حملات شعواء على العرب مثلاً ولا ذنب لهم في نظره إلا لأنهم مسلمون وهو لا يحب الإسلام ولا المسلمين، ويريد أن يرى في الحرب العالمية السابقة حرباً صليبية انتهت بظفر الصليبيين على الهلال ودخول البلاد المقدسة تحت الحكم الإنكليزي

نتائج الحروب الصليبية

من المناسب أن ننظر إلى الحركة الصليبية كجزء أو فصل من تاريخ البشرية، لا كعمل أريد به تنصير الشعوب الشرقية؛ وتأريخ هذا الفصل صعب جداً، لأنك بينما تجد بعض المؤرخين يذهبون إلى أن معظم التطورات الاجتماعية العالمية قد نشأت عن الحروب الصليبية، يقول آخرون خلاف ذلك فلا يهتمون أبداً بتلك الحروب الاهتمام الذي تستحقه

على أن من الإنصاف أن نقول ونقرر بأن اضمحلال عهد الإقطاع وظهور المدن الحرة وبشائر عهد اليقظة، حتى والاكتشافات البحرية، كل أولئك يمكن إرجاعه إلى حد ما إلى الحركة الصليبية

ففي أوائل القرن الحادي عشر كان الأشراف والفرسان أول من لبى نداء البابا، وخرج منهم عدد كبير إلى الشرق قتل أكثرهم، وأقام آخرون في الأراضي المقدسة، فقل بذلك عدد الأشراف. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن إعداد الحملات الصليبية قد اضطر هؤلاء إلى بيع أملاكهم كلها أو بعضها كما اضطرهم إلى تحرير أرقائهم مقابل مبالغ دفعوها إليهم، وقد أقام أولئك العتقاء في المدن واشتغلوا بالصناعة والتجارة , فزادت أهمية المدن وظهرت فيها طبقة جديدة هي الطبقة الوسطى المؤلفة من أولئك الذين حرروا أنفسهم بما دفعوه لسادتهم النبلاء. ولقد استطاعت هذه المدن بفضل جد أبنائها من أرباب الصناعة والتجارة أن تشتري هي أيضاً حريتها من الأشراف ذوي السيادة عليها وتكتفي بحماية الملك أو الإمبراطور

وأما بوادر النهضة واليقظة فقد ظهرت حين اتصل نصارى الغرب بمسلمي الشرق وأخذوا عنهم ما سمعوه من أغان وأحاديث واطلعوا على تاريخ البلاد الآسيوية وجغرافيتها وهي التي أيقظت العالم الغربي من سباته العميق وجمعت كلمته على عمل مشترك بعد أن كانت الفردية فيها مستحكمة العرى وكانت الفكرة القومية كلمة لا معنى لها، فكان الباريزي مثلاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>