الشيوعية كما نشطت في ألمانيا؛ وفي هذه الحالة، لا يكون غريباً أن الطبقة الحاكمة الإنجليزية كانت تلجئ إلى النظام الدكتاتوري لقمع هذه الحركة
ولكنا إذا قلنا أن الفنون الإغريقية مدينة للعبيد، وأن الديمقراطية الإنجليزية مدينة لفقر الفلاحين الهنود، فليس معنى ذلك أن نظام الرق كان يجب ألا يزول، أو أن فقر الفلاحين الهنود ينبغي أن يستمر. . . وكذلك إذا صح أن العالم مدين للعصاميين، فليس صحيحاً أن العالم سيبقى مديناً لهم أبد الآبدين. فمهما تكن قيمة الدور التاريخي الذي لعبه العصاميون في تطور الاقتصاد العالمي في القرنين الماضيين، فأن كل الحقائق تدل على أن ما يسميه العقاد (البراعة المالية) ليست في الوقت الحاضر كما يقول (لازمة لتأسيس المرافق الاجتماعية والأخلاق القومية وتنظيم العلاقات واستثارة الهمم وتوزيع الأعمال التي لا يستبحر بنيرها عمران. . .) بل إنها على العكس من ذلك تؤدي بالعالم الآن إلى أشنع تمزيق وتخريب وتدمير عرفه الإنسان
فلا وجود للعصاميين بغير تنافس اقتصادي؛ وللتنافس الاقتصادي العالمي هو المسؤول الأول عن الحرب الماضية وعن الحرب الحاضرة. ولسنا ننتظر من مخلوق به مسكة من الشعور الإنساني أن يقول إن هذه الحرب في ذاتها بركة للإنسان. هذا وإن كنا نأمل - بعد أن فشلت الحرب الماضية في تنبيه الشعوب تنبيهاً كافياً إلى عواقب التنافس الاقتصادي - أن تكون نتيجة هذه الحرب الحاضرة هو القضاء فعلاً على النظام الاقتصادي الذي يؤدي التكالب فيه على جمع الثروات إلى الدجل والاحتيال من ناحية، وإلى الشقاء والمرض والحروب الهمجية من ناحية أخرى. . . .
ولا شك أن الفقر - كصفة لاصقة بحياة الأغلبية من الشعب المصري - ظاهرة قديمة ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ. فما الذي جد إذاً على فقراء مصر حتى أصبحت لهم مسألة تشغل بال كثير من الأغنياء، ويهتم لها المفكرون، وتقلق أدباء كانوا يؤثرون الدعة والراحة في مخادع البرج العاجي. .؟
قد يكون صحيحاً أن بعض الأدباء والمفكرين المصريين قد تأثروا بالأدب والتفكير الأوربي الحديث الذي يعالج مشاكل الاقتصاد وتوزيع الثروات، وهي أم المشكلات في الحياة الأوربية المعاصرة، ولكن هذا التأثر كان يبقى شيئاً خاصاً بأفراد، لا قيمة اجتماعية له، ولا