والإسلام باقي، ولم يبيد أبداً، لأن روحه مقبوسة من جمر الخلود
القدوة الصالحة أنفع من البرهان
ويرجوا الأديب تادرس مسيحية أن أقنعه بمزايا الإسلام ليسلم. وأقول: إن الكمية لا تهمني ولو كان الأمر بيدي لشذبت الإسلام من بعض الغصون الطفيلية، فما انتصر الإسلام بالأرقام وإنما انتصر بالمعاني، وهذا الأديب قد وعد بمتابعة ما أكتب في هذا الموضوع الدقيق، فليتدبر هذا القول:
لا ينتقل الرجل من دين إلى دين بفضل الحجج والبراهين إلا في حالة التجرد من مستور النوازع والأهواء، ولو كان الناس يصغون في كل وقت إلى صوت العقل لأراحوا كواهلهم من ألوف المتاعب والصعاب
فلم يبق إلا باب واحد من أبواب الهداية، وهو القدوة الصالحة، القدوة التي تخلق الجاذبية الروحية فتنقل القلب من مكان إلى مكان بلا دعوة ولا نداء
وهذه القدوة هي التي استطاعت في الأزمان الماضية أن تحول جماهير الأقباط إلى الإسلام عن رغبة صحيحة وقلب سليم
وكان للأقباط الذين أسلموا فضل كبير في إذكاء الروح الإسلامي بالديار المصرية. فكان منهم نوابغ في الفقه والتوحيد، استطاع جماعة منهم أن يصلوا إلى أعظم المناصب الإسلامية بجدارة واستحقاق، وليس أمام الإخلاص مستحيل
وما أحب أن أكتم رغبتي الشديدة في وحدة الأمة المصرية من الوجهة الدينية لتنعدم أسباب الشقاق الذي يثور من وقت إلى وقت، ولنقضي على الفتنة التي تهددنا من حين إلى حين باسم الأكثرية والأقلية، وهي فتنة لا ينتفع بها غير الأعداء.
ولكن هذا الغرض لن يتحقق في عام أو عامين، فماذا نصنع إلى أن تريد المقادير أن يتحقق؟
نعتصم بالأخوة الوطنية فلا يبغي بعضنا على بعض، ولا يأثم فريق في حق فريق بسبب اختلاف الدين
والأخوة الوطنية تحتاج إلى حراسة قوية، وهي لا تقوم إلا على قواعد من الأخلاق الصحاح. والخلق الصحيح يوجب أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك. ويوم نتحلى بهذا الخلق