وربما كان أول ما خالج نفسي من مشاعر هو الاطمئنان لعودتهم سالمين، ولكن مع هذا طغى على فضول هائل لمعرفة كل شئ عن الكنز. وقد كنت ما أزال في ريب من أن هذه المغامرة قد انتهت بهذه السهولة. وعهدي بالمغامرات أنها لا تتحقق إلا في الروايات الخيالية التي كنت أؤلف منها العدد الكبير. كنت في الحقيقة بين الشك واليقين، وكنت في اضطراب ذهني، وقلق فكري، عندما أتى بريان ودوروثي لينقذاني مما أعاني.
قلت عند رؤيتهم: حسن؟
قال بريان: نحن مسروران لرؤية عمي المؤلف العظيم.
وقالت دوروثي: لقد رأينا ونحن في التاكسي جموع الجماهير المحتشدة وهي تتزاحم على شراء التذاكر لرؤية مسرحيتك الخالدة!
قلت: لعنة الله على المسرحية، لنتكلم عن الكنز أولاً.
قال بريان: حسن، ولكن أسمح لي أولاً بشيء من الشراب يا عمي.
وأحضرت إليه ما طلبه، ثم أخبرت الخادم أن الدكتور والمسز سومرست سيبقيان للعشاء. ثم استدرت نحوهما وقلت: حسن.
وابتدأ بريان يقول: لم تكن رحلة رديئة بالنظر إلى الدين كانوا يرافقونني.
ورمته دوروثي بمخدة صغيرة.
قلت وقد شعرت بالغضب لتدخلها: لا تكوني طفلة حديثة الزواج هكذا! اتركي هذا الطفل الأحمق يقص قصته بطريقته الخاصة.
وعاد بريان يقول: لم تكن الرحلة تستحق الذكر. إلا أن النهر كان مليئاً بالقوارب الكبيرة والجرارات الضخمة التي كانت تحدث صوتاً عالياً، حتى أنك لا تستطيع أن تسمع كلامك نفسه؛ وقضينا يومين على هذا الحال. أما اليخت فيجب عليك يا عمي أن تضع فيه ماكينة فاخرة بعد ذلك. لقد كنت أقول دائماً إنك ستستعمل اليخت عاجلاً أو آجلاً.
قلت بضيق: سأفعل ذلك في المرة القادمة.
- هذا عن نهر الرين. أما الملاحة في الدانوب فقد كانت حسنة. إنه نهر واسع جميل، وكانت الرياح تساعدنا، وكانت الأمواج هادئة، وبعبارة أصح كانت الرحلة موفقة. آه، لقد نسيت أن أخبرك عن العبور من هولندا إلى ألمانيا. كان علينا أن ندفع. . .