٤ - ٢٨٨ تعليقا على ما ورد في الأصل ص٣٠ (أكن كالمصدق المخدوع الذي زعموا أن جماعة من اللصوص) أن كلمة الذي هنا تشبه أن تكون ترجمة الكلمة الفارسية (كِهْ) وهي تكون بمعنى الذي، وتأتي للتعليل والتفريع. أي أن ابن المقفع ترجم كلمة (كه) بكلمة (الذي) مع أنها هنا للتعليل والتفريع، أي بمعنى (فقدته) فلا تحتاج إلى ضمير عائد، على حين أن كلمة (الذي) في استعمالها العربي تحتاج إلى عائد
وهذه شبهة طيبة، واستنتاج حسن. ولكن الضمير العائد إلى الموصول يحذف كثيراً. وجاء حذف العائد حين يتصل بحرف الجر في قول الله تعالى:(ذلك الذي يبشر الله عباده) أي به. وفي قوله (فاصدع بما تؤمر) في أحد وجهي تخريجه وقول حاتم الطائي:
ومِنْ حسدٍ يجورُ عليّ قومي ... وأيُّ الدهر ذو لم يحسدوني
أي فيه، وذو موصول عند طيء. وقال الجاحظ (فالحمد لله الذي كان هذا مقدار عقولهم) أي كان هذا منه. فهذا الحذف في كلامهم جائز وإن كان قليلاً جداً. وهو أولى في التخريج مما ذهب إليه الأستاذ من تأثير اللغة الفارسية. وابن المقفع أيقظ من أن يؤثر في بيانه العربي هجنة فارسية، أو يلتاث في ترجمته هذه اللوثة
٥ - ٢٩٥ تعليقاً على ما ورد في ١٧٤ من قوله (وأكيس الأقوام من لم يكن يلتمس الأمر بالقتال ما وجد إلى غير القتال سبيلاً): (هممنا أن نحذف (يكن) من هذه الجملة ثم رأينا أنها تشبه أن تكون من أثر الترجمة الفارسية؛ فإن استعمال الفعل يكون، مألوف في مثل هذا التركيب بالفارسية)
هذا نص ما ورد في التعليق. والحق أن التعبير عربي خالص، ولم تشبه شائبة فارسية ولم تقربه، وأن (يكن) هنا قد جردت من معنى المضى، وألزمت معنى الثبوت واتصال الزمان من غير انقطاع. وفي كتاب الله من غير ذلك كثير. (وكان الله شاكراً عليما)، (وكان الله سميعاً عليما)، (فإن الله كان عفواً قديرا)، (وكان الله غفوراً رحيما)، (وكان الله عزيزاً حكيما) ومنه قول المتلمس:
وكنا إذا الجبار صَعَّرَّ خده ... أقمنا له من صعْره فتقوّما
وقول الفرزدق:
وكنا إذا القيسى نبّ عَقودُه ... ضرمناه فوق الأنثيين على الكردِ