النجاح ما أصاب أبوه من قبل، ولم ينجح في النيل من اليونان والانتقام منهم بالرغم مما عرف عه من مضاء العزيمة وقوة الإرادة وحدة الذكاء ونشاط الشباب. هزم كما هزم أبوه من قبل، وأنتصر عليه اليونان لأنهم أوتوا من الحظ السعيد ما أوجد لهم شخصية عبقرية هي شخصية تيموستوكل التي عرفت كيف تتبصر للأمر، وتضع الخطط الحربية الماهرة استعداداً لهذا العراك العنيف. وكانت هذه الهزيمة سبباً لازدراء اليونان به، واحتقارهم له؛ فتحدث عنه (أشيل) في تراجيديته الرائعة (الفرس) وصوره كما صوره غير من كبار كتاب اليونانيين في صورة بشعة: صوره كأنه رجل مجنون أصيب في عقله. أراد أن يتسامى إلى صف الآلهة فاعتقد نفسه منهم، فتكبر وطغى، فحقدت عليه وتربصت به، وجعلته يضل السبيل، ويرتكب من المآثم والغلطات ما كان من الأسباب التي أدت إلى هزيمته
وكان الحزب المسيطر على شؤون الحكم في أثينا في ذلك الوقت هو الحزب الديمقراطي، وهو الحزب الذي استطاع أن يقودها إلى النصر. وكان على رأس هذا الحزب زعيمه تيموستوكل الذي إليه يرجع الفضل الأكبر في إحراز النصر في موقعة (سلامين)، لذلك كان هذا النصر من الأسباب التي قوت من شأن الديمقراطية الأثينية وجعلتها ترتكز على أساس متين حتى بلغت أوجها في عهد بركليس
لم يكن تيموستوكل من الأشراف ولا من الأرستقراط، بل ولم
يكن من الطبقات الوسطى، وكانت العادة في القديم إلا يولى
الشخص مهام دولة إلا إذا كان من أبناء البيوتات الكبيرة.
لذلك كان من أعجب الأمور أن يستطيع شخص كتيموستوكل
أن يصل إلى أعلى المناصب في الدولة وهو فرد من أفراد
الشعب، فلم يتعود الناس من قبل أن يتزعم الحزب الديمقراطي
شخص من أبناء الشعب، وإنما كانت العادة أن يتزعمه أفراد