كبيرة، وعلى الأخص بعد أن نضب معين العرقين السابقين. وهنا اختلفت آراء الشعب بصدد هذا المصدر الجديد من مصادر الثروة، فانقسمت الأمة قسمين قسم على رأسه أرشيد الزعيم المعروف يريد توزيع هذا الإيراد - وهو إيراد منتظم - بين المواطنين جميعا (ويتراوح هذا الإيراد بين ٥٠، ١٠٠تالانت) فإذا وزع على هذا النحو نال كل فرد ما يقرب من ٢٠ دراخمة (والتالانت فيها ٦٠٠٠ دراخمة). وقسم آخر على رأسه ثيموستوكل يرى أن تعير الدولة لكل مائة من كبار الأغنياء (تالانت واحدة) على أن تكلف كل وحدة من هذه الوحدات المئوية ببناء سفينة، حتى إذا اجتمعت هذه السفن بعد بنائها كانت نواة طيبة للأسطول الأثيني. طالت المناقشات بين الفريقين وزاد النزاع حدة بينهما، ولكن تيموستوكل وأنصاره تغلبوا في آخر الأمر، ونفى الشعب الزعيم المعارض أرشيد، وظفر ثيموستوكل وأتباعه بما أرادوه لوطنهم من هذا الأسطول الذي كان السبب الأكبر في إحراز النصر في أكبر معركة بحرية في القرن الخامس على الإطلاق وهي معركة (سلامين). وعلى هذا النحو حدث هذا الانقلاب الهائل الذي حول أثينا من دولة برية إلى دولة بحرية لها أسطول قوي ضخم كان هو السبب الرئيسي في بناء مجدها وعظمتها في القرن الخامس قبل الميلاد، فأصبحت أثينا بذلك دولة بحرية قادرة على الدفاع عن أرضها وعن أرض اليونان جميعاً ضد قوات كبيرة تفوقها في العدد والعدة وهي قوات الفرس. وقد كان ثيموستوكل في هذا رجلا عظيماً، إذ استطاع أن يحدث هذا الانقلاب وأن يكون هذا الأسطول الذي جمع ما يقرب من مائتي سفينة والذي كان العامل الأساسي في بناء الإمبراطورية الأثينية البحرية
أخذت أثينا بعد ذلك تستعد للمعركة القادمة وهي واثقة ومطمئنة إلى أسطولها القوي، ولكنها تشعر تمام الشعور إنها لا تستطيع وحدها مناهضة الفرس، بل كانت على يقين من ضرورة الحصول على تأييد إسبرطة والدول اليونانية الأخرى. وكانت إسبرطة أنانية، بلغت أنانيتها حداً عظيماً جداً عرف في التاريخ القديم، فهي لا تهتم إلا بشؤونها وبشؤون جزيرة البيلويونيز الخاصة لسلطانها المتمكنة لأمرها، ولكنها فهمت أخيراً أن من مصلحتها الاتفاق مع أثينا والمدن اليونانية الأخرى التي تريد الدفاع عن اليونان لوضع خطة دفاعية مشتركة، لأنها أحست أن في انتصار الفرس ترجيحاً لكفة أعدائها كدولة أرجوس التي